وقوله تعالى: {وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف:44]، أي: يسأل الله النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ويسأل الخلق عن الإيمان والعمل الصالح.
وشرف المؤمن بدين الله عز وجل وبتمسكه به وبقيامه الليل بين يدي الله عز وجل وبعبوديته لله وبتواضعه لله، فهذا الشرف الحقيقي.
ولذلك كان بعض الزهاد والعباد يقولون: إنا في متعة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها، وهي: متعة العبادة ومتعة الانفراد مع الله سبحانه تبارك وتعالى والتضرع إليه والشوق إليه والحب له سبحانه تبارك وتعالى، وهذه المتعة يعرفها المؤمن الصادق.
أما الكفار فافتخارهم بالأنساب والأحساب وبالقوة وبالناس، قال النبي صلوات الله وسلامه عليه: (لينتهين أقوام يفتخرون بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم أو يكونون أهون عند الله من الجعلان التي تدفع النتن بأنفها)، أي: لينتهين أقوام عن فخرهم بالآباء، وآباؤهم فحم من فحم جهنم، فآباؤهم كفار وعصاة فهم في النار، ويفتخر الأبناء بهؤلاء الآباء فإما أن يترك هؤلاء الأبناء أن يفتخروا بآبائهم وإما تكون نهايتهم نهاية آبائهم وأجدادهم في النار، ويجعلهم الله عز وجل أنتن وأحقر من الجعلان ومن الصراصير.
والناس كلهم بنو آدم وآدم من تراب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء)، وعبية الجاهلية: نخوتها وعصبيتها وكبرها، فقد أذهبها الله بالإسلام الذي جعل المسلمين كأسنان المشط، لا فضل لأبيض على أحمر، ولا لأبيض على أسود إلا بتقوى الله، والإنسان إما مؤمن على إيمان وعلى تقوى، أو إما فاجر على شقاء وعلى كفر وعصيان فـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف:43].
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.