قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ} [الزخرف:30] قال كفار قريش ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، وهم مستيقنون أنه لم يتعلم سحراً أبداً، وأن هذا القرآن مستحيل أن يكون سحراً، ولكن لما لم يجدوا رداً على النبي صلى الله عليه وسلم، اجتمعوا وتشاوروا هل يقولون عنه كاهن؟ لكن الكاهن يعرف فلن يصدقوا.
أم يقولون: عراف؟ والعراف كذلك معلوم.
أم يقولون: كذاب؟ وقد علم الناس صدقه.
أم يقولون: مجنون؟ ولكنه أعقل الخلق.
فلما لم يجدوا شيئاً قالوا: إنه ساحر؛ لأنه يفرق بين الرجل وابنه، والمرأة وزوجها، فالمرأة تدخل في الإسلام وزوجها كافر ويفرق بينهما، ويعادي الابن أباه، لأن أحدهما مسلم والآخر كافر.
فقالوا عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه ساحر، كما قال قبل ذلك الكفار عن موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وجعلوا ما جاء به من القرآن سحراً فكفروا به.
وقال الذين كفروا بعضهم لبعض: {لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} [سبأ:31].
وقالوا: {لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فصلت:26] فلو كان معهم حجة تقال لقالوها ولما أخذوا في هذا الكلام الباطل الذي لا يكون دليلاً ولا حجة على عدم أيمانهم فليس لهم حجة إلا العناد وتقليد آبائهم قال تعالى عنهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف:22] فرفضوا ما أتى به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأعرضوا عنهم وكذبوهم ورموهم بالسحر والكذب.