قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [الحج:63] ذكر الله لفظ الجلالة، ووصفها بأسمائه الحسنى الأخرى، فاللطيف: الدقيق في علمه سبحانه وتعالى، والخبير: العليم ببواطن الأمور، يعلم ما قل وما صغر، وما ظهر وما خفي.
قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [الحج:63] وكل إنسان يرى ذلك، فينزل من السماء الماء، قال تعالى: {فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً} [الحج:63] تجد أرضاً ينزل عليها من السماء المطر بالليل، فإذا بها بالنهار قد بدأت خضرتها أو أنها تكون أرضاً بوراً ثم بعد فترة ينبتها الله سبحانه.
فإما أن يكون الإصباح حقيقاً على هذا النحو، أو بعد ذلك يصير مآلها إلى الإخضرار بسبب ما أنزل الله عز وجل من الماء.
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [الحج:63] فالله لطيف خبير يعلم كل شيء، وهو لطيف بعباده عليم بخفاياهم.
فاللطف معناه: العلم الدقيق، ومن معناه: الرحمة الخفية منه سبحانه وتعالى، فقد يلاقي الإنسان في الدنيا الظلم والصعوبة والشدة ثم يلطف الله عز وجل به ويغفر لمذنبه.
وتأمل المناسبة الجميلة بين أسماء الله الحسنى، وبين ما يذكره الله سبحانه وتعالى من بديع خلقه، فالإنسان في قاحل من الأرض، وهو محتاج للماء ليشرب، وفجأة أنزل الله عز وجل من السماء ماء فارتوى الإنسان وأنبتت الأرض، فنقله بلطفه سبحانه وتعالى من حال عسر صعب شديد إلى حال فيه يسر، وفيه فضل من الله وفيه غنى؛ فيحمد العبد ربه سبحانه وتعالى عليه.
فهو اللطيف بعباده، وهو خبير، وعلمه دقيق يعلم ما خفي من أمر العباد، فقد يكون في قلب العبد اليأس والقنوط حين تأخر نزول المطر، فيعلم الله عز وجل ذلك، ويعجب من قنوط العبد، وقرب تفريجه سبحانه وتعالى لهذا الحال.
فإذا كاد العبد أن ييئس فجأة ينزل المطر بلطف الله سبحانه تبارك وتعالى، فينبت الزرع ويشرب الإنسان! والله لطيف بأرزاق عباده، فيخرج لهم النبات من الأرض، ويعطيهم ما يحتاجونه من أشياء على قدر ما يحتاجون.