تفسير قوله تعالى: (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم)

يقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزخرف:9].

أي: لو سألت هؤلاء الجهلة الكفرة: من الذي خلق السماوات والأرض؟ ليقولن معترفين: إن الذي خلق هذا كله هو الله سبحانه وتعالى الذي من أسمائه العليم العزيز.

وقوله تعالى: ((ليقولن)) فعل مضارع سبقه لام التوكيد وفي آخره نون التوكيد الثقيلة وهذا يدل على وقوعه جواباً للقسم، يعني: والله ليقولن ذلك، وكأن المعنى: أنهم جزماً سيقولون ذلك إذا سألتهم: سواء نطقوا بألسنتهم، أم أعرضوا عن كلامهم، ففي قلوبهم يعرفون أن الذي خلق السموات وخلق الأرض هو الله العزيز الغالب.

ولذلك كان يتهكم بهم حسان رضي الله عنه ويقول: زعمت سخينة أن تغالب ربها وليغلبن مغالب الغلاب وسخينة: المقصود بها قريش، كانوا إذا استهزئوا بهم قالوا لهم ذلك: فالذي يريد أن يغالب ربه سبحانه وتعالى فهو المغلوب.

وهم يعرفون أن الله عزيز غالب على أمره، و (العزيز) هو القوي الذي لا يغلب ولا يمانع.

و (العليم) الذي يعلم كل شيء ويعلم السر وأخفى.

وكأنه يقول سبحانه اعجب لهؤلاء الجهلة حين يقولون: إن الخالق هو الله القوي الغالب علام الغيوب سبحانه، ومع ذلك يعبدون غيره.

فإذا سئلوا: هل هذه الآلهة تنفع أو تضر؟ قالوا: لا تنفع ولا تضر، لكن نعبدها من أجل أن تقربنا إلى الله.

فإن قيل: لماذا لا تعبدون الله مباشرة بدل أن تعبدوا هذه الآلهة؟ قالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص:5].

فهؤلاء الذين يتعجبون لمثل هذا الشيء ليست لهم عقول ولا أفهام.

لكنهم يريدون خداع النبي صلى الله عليه وسلم ويبررون جهالتهم وكفرهم، وشركهم بالله بهذا التهكم الذي يقولونه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015