النبي من نبأه الله سبحانه، وأنزل عليه الوحي من السماء؛ ليأمره وينهاه، ويطلعه على أشياء من الغيب، ويأمره أن يعلم قومه.
أما الرسول فهو من جاء بشرع جديد، وله كتاب من الله عز وجل، ومأمور بتبليغ وتنفيذ هذه الشريعة من عند رب العالمين.
فالله أرسل أنبياء كثيرين، وقد ذكرنا أنهم جاوزوا الأربعة والعشرين ألفاً، أما رسل الله عز وجل فهم ثلاث مائة، أو يزيدون قليلاً.
ففي كل فترة يبعث الله عز وجل نبياً أو رسولاً يهدي قومه إلى دين الله سبحانه، ولكن السابقين ما كان يأتيهم من نبي إلاَّ كان الأصل عندهم تكذيبه والاستهزاء به.
ولما يخبرنا الله عز وجل بذلك يريد أن يثبت النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك يثبت كل من يدعو إلى الله سبحانه، ويعلمه بأن طريق الدعوة إلى الله لن تكون ممهدة، ومفروشة بالورود، وإذا لم يكن ذلك للأنبياء والرسل فكيف بمن دونهم.
فهي طريق فيها الصعوبة، والشدة، وفيها المقابلة بالاستهزاء، وفيها المقابلة بالإنكار.
فقد جوبه الأنبياء بذلك حتى مكن الله عز وجل دينه، ونصر رسله كما قال سبحانه وتعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ} [يوسف:110] أي: ينجي الله عز وجل من يشاء من عباده المؤمنين، ويهلك من يشاء من المجرمين، فإذا أتى أمر الله لا ينفع هؤلاء شيئاً بعد ما كفروا وأعرضوا، واستهزءوا بالرسل.
فالمؤمن يثبته الله بأمره بالصبر، وأنه سيأتي نصر الله يوماً من الأيام، فلا يعجل.
والمطلوب منه الأخذ بالأسباب، والنتيجة ليست عليه إنما على الله سبحانه وتعالى.