سورة الزخرف هي الثالثة والأربعون من كتاب الله عز وجل، وهي سورة من سور آل حاميم، وهي من السور المكية كغيرها من سور الحواميم، وفيها خصائص السور المكية كما عرفنا قبل ذلك في خصائص هذه السورة.
وقد ذكرنا: أن سور آل حاميم، أو الحواميم التي بدأت بسورة: (غافر) وانتهت بسورة: (الأحقاف) نزلت متناسقة، أي: نسقاً، سورة وراء سورة على ترتيب وجودها في المصحف، فهذه السورة في ترتيب النزول هي الثانية والستون، فنزلت بعد سورة الشورى، وبعدها سورة الدخان.
والحواميم قلنا أنها: سورة (غافر)، وسورة (فصلت)، وسورة (الشورى)، وسورة (الزخرف)، وسورة (الدخان)، وسورة (الجاثية)، وسورة (الأحقاف)، وكلها تبدأ بالحرفين: (ح) و (م).
والله سبحانه وتعالى قد تحدى خلقه بهذا القرآن العظيم، فقال: {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} [هود:13]، وقوله: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة:23]، وهذا بعد أن تحداهم أن يأتوا بكتاب مثل هذا القرآن العظيم، وأنه لو اجتمع له الإنس والجن ليفعلوا ذلك، فقال: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء:88]، أي: لو أن بعضهم ظاهر بعضاً، وعاون بعضهم بعضاً على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، فلما لم يقبلوا التحدي ولم يفعلوا، تحداهم بعشر سور كما في سورة هود، فلم يقدروا، فتحداهم بسورة واحدة كما في سورة يونس، ولم يقبلوا هذا التحدي، ولم يفعل أحد منهم شيئاً، ولم يأتوا بشيء، حتى أن من أراد منهم أن يأتي بشيء ألف أشياء يسجعها على وزن سورة من سور كتاب الله، فإذا بأصحابه يسخرون ويضحكون منه، ويعلمون أنه كاذب فيما يقول.
وهذه السورة العظيمة آياتها تسع وثمانون آية على عد بعض القراء، وعلى عد آخر ثمان وثمانون آية، وهذا عند قراء الشام، وبقية القراء على تسع وثمانين آية، والخلاف في: (حم) هل هي آية متصلة بما بعدها، أو أنها ليست آية متصلة؟ عند الكوفيين أن: (حم) آية، وما بعدها آية، وأما عند غيرهم: ((حم والكتاب المبين)) آية واحدة.
أيضاً اختلفوا في: ((مهين)) عند الوقف عليها، هل هي جزء من آية أم لا؟ وكما ذكرنا مراراً نقول: إن اختلاف العد في الآيات ليس معناه أن هناك آية زائدة، أو آية ناقصة، لا، وإنما الخلاف في أين نقف؟ فإذا قرأ: {حم} ووقف عندها فهو يقف عند رأس آية، وإذا قرأ: ((حم والكتاب المبين)) الاثنين معاً فهي آية واحدة، فعلى ذلك هي نفس الآيات، ولكن الخلاف في أين يقف القارئ؟