ذكر الله عز وجل من صفات المؤمنين صفة الاستجابة، أنهم يطيعون الله سبحانه، ويطيعون رسوله صلوات الله وسلامه عليه، وأنهم سريعون في الإجابة إذا دعوا إلى الله أو دعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله: (استجابوا) أي: أجابوا، كأن السين للاستدعاء، فاستدعوا من أنفسهم ذلك باستدعاء الله عز وجل إجابتهم، فبادروا وسارعوا إلى طاعة الله سبحانه وتعالى، وإلى طاعة الرسول صلوات الله وسلامه عليه، فهم المجيبون لله، ولمجيبون للرسول صلوات الله وسلامه عليه، والمنفذون لأمر الله وأمر الرسول عليه الصلاة والسلام.
والاستجابة صفة عظيمة للمؤمنين، وقد جعل الله عز وجل في الأنصار أعظم ما يكون من الصفات صفة الاستجابة، ولذلك لما قدم وفد من الأنصار على النبي صلى الله عليه وسلم قبل هجرته وكان عددهم اثني عشر رجلاً، فدعاهم إلى دين الله عز وجل فاستجابوا، ورجعوا إلى قومهم فدعوهم، فالأنصار استجابوا للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم مهد الله للهجرة وجاء الأمر منه عز وجل وهاجر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولما وصل إليهم كانت بيوت كثيرة من بيوت الأنصار قد دخلوا في الإسلام، إذ أرسل إليهم قبل ذلك مصعب بن عمير رضي الله عنه يدعوهم إلى الله، فما في الأنصار من بيت إلا ودخل فيه الإسلام، فكانت دعوة عظيمة من الأنصار رضوان الله عليهم، واستجابة عظيمة منهم لله، ولهذا مدح الله المؤمنين خاصةً الأنصار باستجابتهم لله سبحانه.
فقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ} [الشورى:38] هذه سببها مخصوص، ولكن كما ذكرنا العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكل مؤمن يطيع الله عز وجل، وكل مؤمن يستجيب حالاً لكلام الله سبحانه ولكلام الرسول صلى الله عليه وسلم فهو داخل تحت هذه الآية.