كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه ويعظم لهم أمر هذه الكبائر حتى لا يقعوا فيها، فيقول صلى الله عليه وسلم وقد سئل: (أي الذنب أعظم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أن تشرك بالله وهو خلقك، قال: ثم أي؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك، قال: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك)، هذه كلها كبائر.
والإنسان حين يقع في الزنا، فهذه كبيرة من الكبائر، وهي فاحشة من الفواحش، كذلك السارق أتى كبيرة من الكبائر، والزاني أتى فاحشة من الفواحش، والذي يقع في اللواط أتى فاحشة من الفواحش، وهذا كله من الذنوب الكبيرة العظيمة.
والكبائر بعضها أعظم فحشاً من بعض، فإذا كان الزنا فاحشة فكيف بمن يزني بحليلة جاره! المفترض أن يحافظ على حرمة جاره، وأن يدافع عن جاره وعن حريم جاره، فهذا الذي يزني بحليلة جاره يكون قد ارتكب أفحش ما يكون ومن أعظم الكبائر عند الله سبحانه وتعالى.
قال تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء:32]، {وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} [النساء:22].
إذاً: الزنا كبيرة من الكبائر، وهو فاحشة، وأعظم ما يكون في الزنا أن يزاني بحليلة جاره، وأعظم وأفظع منه أن يتزوج المرء واحدة من محارمه أو ينكحها، فإذا تزوجها فقد كفر؛ لأنه استحل ما حرم الله، فإذا واقعها وزنى بها فيكون واقعاً في فاحشة عظمية، قال تعالى: {إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا} [النساء:22].
ولذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم زنى ماعز وزنت الغامدية، فأقام عليهما الحد صلوات الله وسلامه عليه، وزنى إنسان كان مريضاً فأمر بإقامة الحد عليه، قالوا: إننا لو نقلناه لتخسف؛ لأنه ليس به قوة، سبحان الله! ليس فيه قوة ويقع في الزنا، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإقامة الحد عليه، ولكن خفف وقال: (خذوا عثكولاً فيه مائة شمراخ واضربوه به) والعثكول هو العذق الذي تتعلق فيه البلح، فأمرهم أن يأخذوا عثكولاً ويضربونه ضربة واحدة به، فأقيم عليه الحد بذلك.