قال الله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الشورى:21].
يعني: بل هل لهم شركاء شرعوا لهم من الدين؟ والذي يشرع هو الله الرب سبحانه وتعالى، والتشريع من صفاته سبحانه، فهو الحاكم الذي يحكم بين عباده، ومن صفاته: أنه صاحب الشريعة، فالله عز وجل هو الذي يشرع لعباده، فهو الذي شرع لنا هذا الدين، فهل لهؤلاء المشركين شركاء شرعوا لهم من الدين؟ أين شركاؤهم؟ وأين هذه الآلهة التي يزعمون؟ هل هذه الأصنام كلمتهم وقالت لهم: اعبدوا بالصورة الفلانية؟ هل عندهم أثارة من علم أو كتاب يقول لهم: اعبدوا بالصورة الفلانية؟ ليس عندهم شيء، بل عرفوا أن الأصنام لا تعقل ولا تفهم ولا تسمع ولا تجيب، فكيف يعبدونها من دون الله، وهي لا تملك أن تشرع ولا تسمع ولا تعقل.
قال الله تعالى: ((وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ)).
أي: ولولا كلمة القضاء من الله عز وجل، والفصل بمعنى: القضاء والحكم بين العباد، فهو سبحانه يفصل الخصومة ويقضي بين الناس، هذا شقي وهذا سعيد، هذا في الجنة وهذا في النار، والكلمة التي سبقت من ربك ألا يعاجلهم بالعقوبة، بل يؤخرهم إلى يوم القيامة ليجازيهم، فلولا هذه الكلمة لقضي بينهم، ولذلك لم يقض بينهم الآن، و (لولا) حرف امتناع لوجود، فـ (لولا) حرف امتناع القضاء بين العباد في الدنيا لوجود الكلمة التي سبقت، فالله يمتنع من أن يقضي بين العباد الآن، إنما القضاء يكون يوم القيامة.
قال تعالى: ((وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ)) أي: لقضى الله عز وجل وفصل وحكم بين العباد.
قال تعالى: ((وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) يعذب الله سبحانه وتعالى يوم القيامة جميع الظالمين، خاصة المشركين، إذاً: الظالم يعذبه الله سبحانه، ولكن هنا قصد المشركين، الذي يشركون بالله سبحانه؛ ولذلك عقب بقوله سبحانه: {تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ} [الشورى:22].