من لطف الله تعالى تيسيره لفهم القرآن

والكل يفهم هذا المعنى، فإذا جاء أهل العلم فهموا منها أعلى مما يفهم غيرهم، فالله لطيف، وكلمة (لطيف) في اللغة معناها كذا ومعناها كذا، ولطيف من لطف، والله عز وجل إذا عبر عن نفسه أنه لطيف فهي من (لَطَف (بالفتحتين، وليس من (لَطُف) بالفتح والضم، فأنت محتاج أن تعرف هذه الأشياء، وليس كل إنسان يقدر أن يعرفها، قال عز وجل: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} [القمر:17] فإذا بالعالم يفهم أشياء عظيمة يفرح بها، وإذا بالأمي يفهم أشياء في نظره أيضاً هي عظيمة يفرح بها، فأنا فهمت، وأنت فهمت، والثالث فهم، والعالم فهم، والجاهل فهم، وكل فهم ما يقصده الله سبحانه وتعالى.

فمثلاً: قول الله عز وجل: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:229] هل يأتي إنسان ويقول: لا أفهم معنى كون الطلاق مرتين؟

صلى الله عليه وسلم لا، بل يفهم أنه لك أن تطلق مرة وتراجع، وتطلق مرة أخرى وتراجع، فإن طلقها الثالثة فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره، فالإنسان يفهم هذا، وفهم هذا، وفهم أهل العلم من وراء ذلك.

فأعطى الله عز وجل كل إنسان على قدر ما آتاه من علم أعطاه فهماً وفقهاً، ولا يحرم أحداً، بل الكل يقرأ القرآن فيفهم ولو المعنى العام الذي تدل عليه هذه الآيات، فيفرح بأن يسر الله عز وجل له دينه.

قال عز وجل: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر:17] أي: هل من متعظ؟ فإنك تقرأ قصيدة من قصائد الشعر فتقف عند كل بيت قليلاً وتقول: ماذا يقصد هنا؟ وهكذا البيت الثاني، ويمكن أن تقف عند القصيدة كلها، وإذا قرأت السورة من القرآن فمستحيل أن يكون الأمر كذلك؛ فإن هذا كتاب رب العالمين نزل للخلق جميعهم هداية من رب العالمين، فجعله سهلاً، فاقرأ القرآن يفهمك الله سبحانه، ويعلمك الله، كما قال سبحانه: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة:282].

إذاً: من لطف الله سبحانه أنه نزل القرآن ويسره وفصله، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يفهمهم ما قد يشكل عليهم منه، وعلم أهل العلم ففهموا وفطنوا، وعلَّموا خلق الله ما يريده الله سبحانه وتعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015