قال عز وجل: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [فصلت:31] أي: تولينا أمركم، ولن نترك من خلفتم بعدكم، ولذلك يقول الله عز وجل: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء:9] فالذي يخاف على ذريته من بعده، فليبق لهم ما ينفعهم، وهو تقوى الله سبحانه وتعالى والقول السديد، فبصلاح الإنسان يصلح الله عز وجل ذريته، وبحفظ الإنسان لتعاليم دين الله سبحانه يحفظ الله عز وجل بيته وأهله وأولاده وذريته من بعده، ويحفظه من أن يفتن في قبره، أو يقع في غير ما يرجوه من عذاب الله سبحانه وتعالى.
أما من كان فاجراً عاصياًَ لله إذا قيل له في قبره: من ربك؟ قال: هاه هاه لا أدري، وإذا قيل له: من نبيك؟ قال: لا أدري، وإذا قيل له: ما دينك؟ قال: لا أدري، فإذا بين له أن النبي محمد والدين الإسلام يقول: سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، فلم يكن يعرف معنى: لا إله إلا الله، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان بعيداً عن الله يسخر من عباده المؤمنين.
هذا هو الفرق بين المؤمن التقي والفاجر الشقي، فالمؤمن يذكر الله عز وجل أن الملائكة تثبته: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا} [فصلت:30] أي: لا تخافوا مما أنتم قادمون عليه، إنكم قادمون على رب غير غضبان عليكم، وعلى رب غفور رحيم سبحانه، ولا تحزنوا على ما تركتم في الدنيا، وعلى ما وقعتم فيها من معاص، فسيغفرها الله عز وجل لكم باستقامتكم في الدنيا.
{وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ} [فصلت:30] البشارة: الإخبار بما يسر الإنسان مما سيقدم عليه، فالمؤمن لا يخاف مما سيقدم عليه، ولا يحزن على ما مضى، ويبشر بما يسره وهي الجنة التي كان ربه يعده بها في الدنيا.
قال الله عز وجل: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [فصلت:31] إن الله ولي الذين آمنوا، والملائكة تتولى من تولى الله سبحانه وتعالى، فتطمئنه وتقول له: لا تخف فالله معك سبحانه وتعالى، فتولت المؤمن في الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ} [فصلت:31] في الدنيا، وكذلك في الآخرة أي: في الآخرة، وما تشتهي أنفسكم أي: كل ما تتمنونه عند الله عز وجل يعطيكموه.
وقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} [فصلت:31] أي: ما تطلبونه من الله عز وجل يعطيكم إياه.