قال الله عز وجل: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فصلت:26] الله سبحانه يرينا مشهداً في الدنيا كانوا يعملونه وجزاءه في الآخرة، فهؤلاء كانوا يتعاملون مع القرآن ومع النبي صلى الله عليه وسلم بعلو الصوت، وليس بالنظر في الحجة، وبالمناظرة للنبي صلى الله عليه وسلم، فقد تحداهم في كل المواطن فلما عرفوا أنهم عجزوا عن ذلك، كان الحل عند هؤلاء الأغبياء: رفع الصوت، واللغو واللغط، والصراخ، وإلهاء الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيذكر الله عز وجل صورة من صور قذارة هؤلاء في معاملتهم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يدعوهم إلى الله سبحانه: يا قوم! قولوا: كلمة واحدة، أشهد لكم بها عند الله، كلمة واحدة تملكون بها العرب والعجم، قولوا: لا إله إلا الله! فيقولون: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص:5]، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [فصلت:26] أي: قال بعضهم لبعض: {لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} [فصلت:26] أي: الغطوا، واصرخوا، وهيجوا، وقولوا ما تصرفوا به الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم، والهوا غيركم عن هذا القرآن: {لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فصلت:26] بذلك، فهم لم يستطيعوا أن يغلبوا النبي صلى الله عليه وسلم بالحجة، فأرادوا أن يغلبوه باللغط والصراخ والقول الباطل كلما قرأ القرآن صلوات الله وسلامه عليه.
فكان كلما ذهب إلى مكان وجد وراءه من يقول: ابتعدوا عنه لا تسمعوا له إنه مجنون، إنه كذاب، إنه كذا، وحاشا له صلوات الله وسلامه عليه.