المؤمنون يمكنهم الله عز وجل في الأرض، قال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ} [الحج:41]، فهم لا يستعلون على غيرهم ولا يتجبرون ولا يطغون ولا يبطرون، ولكنهم يقيمون الصلاة.
ثم قال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ} [الحج:41]، فهذه علاقة مع الله سبحانه تبارك وتعالى، وعلاقة مع الخلق ذكرها لنا ربنا سبحانه تبارك وتعالى هنا، فعلاقتك مع الله أن على بدنك واجباً، وعلى مالك واجباً، ومن علاقتك مع الله عز وجل إقامة الصلاة، وتأدية الحج وجميع العبادات التي فرضها الله سبحانه من صيام، وجهاد في سبيله، وغير ذلك.
فمن صفات المؤمنين أنهم يقيمون الصلاة التي هي أعظم أركان الدين، فيقيمونها، ليس بأنهم يصلون فقط، وإنما هم يصلون ويأمرون غيرهم بهذه الصلاة كما أمر الله سبحانه تبارك وتعالى.
ولا يوجد في المجتمع المسلم أحد لا يصلي، إلا أن يكون غير مكلف، كأن يكون مجنوناً أو صغيراً، أو تكون امرأة حائضاً أو نفساء، أما كون المجتمع المسلم يوجد فيه من لا يصلي فلا؛ لأن الذين تمكنوا في الأرض لهم السلطان ولهم الحكم في الأرض، بشرط أن يقيموا الصلاة، وأن يكون شغلهم الشاغل أن يكون الناس مطيعين لرب العالمين سبحانه تبارك وتعالى؛ وذلك بأن يقيموا الصلاة ويأمروا الناس بالصلاة والمحافظة عليها، ويراعوا حدود الله عز وجل في ذلك.
فقوله تعالى: {وَآتَوُا الزَّكَاةَ} [الحج:41] أي: بذلوا أموالهم، وأمروا الناس بذلك، فهم في أنفسهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، ومع الخلق يأمرونهم بالمعروف أي: جنس المعروف، وينهونهم عن المنكر، أي: جنس المنكر، فيأمرونهم بالصلاة، وبالزكاة، وينهونهم عن معصية الله سبحانه تبارك وتعالى.
فإن المؤمن إذا مكنه الله سبحانه من أن يكون حاكماً أو يكون سلطاناً فإنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويقول بالحق أينما كان، وينتظر الأجر من الله سبحانه، ولا ينتظر النتيجة من الناس، مهما بلغ الناس، استجابوا أو لم يستجيبوا؛ لأنه فعل ما يجب عليه من أمر الله سبحانه.
قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج:41] أي: مرجع الأمور إلى الله، والرجوع إلى الله؛ ليحاسب العباد على ما صنعوا وما فعلوا.