قال الله تعالى: {حم} [فصلت:1].
هذان حرفان: حرف الحاء وحرف الميم، ولا شك أن هذه الحروف في فواتح السور من أسرار كتاب الله سبحانه وتعالى، ومهما قال العلماء من أسباب أو ما يبدو لهم من أسباب وحكم فقد يكون ذلك صحيحاً، ولكن ليس معناه: أن هذا هو السبب الذي من أجله جعل الله عز وجل ذلك؛ لأن السبب لا يقال إلا بنص حديث للنبي صلى الله عليه وسلم، فطالما أنه لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، فغايته أن يجتهد العلماء فيبينون شيئاً من الحكم في ذلك.
قوله: (حم) يقرؤها الجمهور: (حم)، تمد الحاء مداً طبيعياً حركتين، والميم تمد مداً طويلاً ست حركات، أما أبو جعفر فيقرؤها بالتفريق بين الحاء والميم، فهو يفصل: حاء، ميم، ويسكت بينهما سكتة بغير تنفس؛ لبيان أنها ليست كلمة وإنما هما حرفان، وفي كل فواتح السور التي في أول السور من الحروف يقرؤها بالفصل وبالسكت بينها بسكتة بغير تنفس؛ لبيان أن هذه ليست كلمة، فيقرأ: {الم} [البقرة:1] ألف، لام، ميم؛ لبيان أن هذه ليست كلمة واحدة، وإنما هي ثلاثة أحرف، كذلك قوله تعالى: {طه} [طه:1] يسكت بينهما سكتة؛ لبيان أن هذا ليس اسماً وليس كلمة، ولكنهما حرفان: طاء وهاء، وغير ذلك من الحروف في فواتح السور.