الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل في سورة غافر: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ * وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون * فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} [غافر:79 - 85].
في هذه الآيات الأخيرة من هذه السورة الكريمة سورة غافر يخبرنا الله سبحانه وتعالى عن دلائل قدرته ووحدانيته، وعن صنعه بالقرون السابقة، ما الذي صنعوه؟ وكيف صنع الله عز وجل بهم؟ فيرينا هذه الآيات حتى لا يكون للناس على الله حجة بعد ما بين ووضح في كتابه سبحانه.
قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) آية من آيات الله سبحانه أن سخر لكم بهيمة الأنعام، وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج: من الضأن اثنين، ومن المعز اثنين، ومن الإبل اثنين، ومن البقر اثنين، هذه بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم، منها الذكور ومنها الإناث، تستفيدون منها من أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين، منها تأكلون وعليها تحملون، وعلى الفلك أيضاً تحملون.
قال الله: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ) أي: خلق لكم الله عز وجل الأنعام وجعلها لكم لمنافعكم، ولمعايشكم، لتأكلوا منها، ولتركبوا عليها، فمن الأنعام ما تركبون عليها، وهي الإبل خاصة، قال تعالى: (وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) أي: من الإبل وغيرها، فبهيمة الأنعام تأكلون منها، وتنتفعون بألبانها، وتنتفعون بلحمها وبنسلها.