قال تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ} [غافر:78] أي: إذا جاء وعد الله وجاء العذاب من عند الله سبحانه وتعالى قضى بين هؤلاء بالعدل وبالحق في الدنيا وفي الآخرة، فإذا كذبوا وأعرضوا جاء العذاب، فكان قضاء الله الحق أن يستأصلهم جزاء بما كانوا يعملون، وإذا أخرهم ليوم القيامة قضى الله عز وجل بين عباده بالحق، {وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ} [غافر:78] والمبطلون: جمع مبطل، والمبطل: المدعي الكذب، وهو الذي يتكلم بالباطل وهو يعرف أنه باطل ومع ذلك يجادل فيه، فهو يلعب في الدنيا ويلهو ويجادل في آيات الله، وكأنه يتكلم بالحق في هذا الذي يقول ويعتقده وهو يكذب، ولذلك فضحهم الله عز وجل وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام:33]، وهناك فرق بين من يكذب وهو يعتقد أنه كاذب، وبين من يكذب وهو يعتقد أنه صادق، فهنا يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ} [الأنعام:33]، أي: لا يعتقدون أنك كاذب، وإنما هم مقرون بما تقول في أنفسهم، ولكنهم منكرون في الظاهر أمامك، وهذا هو الجحود، فهم يجحدون بآيات الله سبحانه مع اعترافهم وعلمهم أنها صواب وأنها من عند الله سبحانه وتعالى.
قال تعالى: {فإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ} [غافر:78] أي: في يوم القيامة أو في وقت مجيء العذاب، {قُضِيَ بِالحَقِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ} [غافر:78] أي: في دعواهم أن مع الله آلهة، وحاشا له سبحانه وتعالى! وفي دعواهم أن النبي صلى الله عليه وسلم ساحر أو كاذب أو مجنون، فيخسرون حين يرون العذاب.