يقول العلماء: إن المعادن في الإنسان تملأ علبة طباشير أو علبة كبريت فقط، ولا تكون إلا مسماراً صغير وحزمة من الملح ومواداً أخرى لا قيمة لها، فعندما يموت الإنسان ويدفن في الأرض لا يخرج منه إلا هذه الكمية البسيطة من هذه الأشياء التي لا يمكن الاستفادة منها، وليس لها أية قيمة.
فالإنسان خلق من تراب، والتراب أكثر قيمة منه، وهو جاء من هذه النطفة التي لا قيمة لها، والتي يستقذرها الإنسان فيغتسل منها شرعاً، ويغسلها عن نفسه ليميط عن نفسه الأذى عرفاً.
وإنما قيمة الإنسان في تكريم الله سبحانه له، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [الإسراء:70]، وهذا التكريم تشريف من الله سبحانه لهذا الإنسان، ومنة منه عليه، وليس لأن الإنسان يستحق ذلك بأصل خلقته، فهناك من هو أشد خلقاً منه، قال تعالى: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} [النازعات:27 - 29]، يقول تعالى في هذه الآيات: أأنتم أشد خلقاً أم السماء؟ أأنتم أشد خلقاً أم هذه الأرض التي تسيرون عليها؟ فالأرض أشد خلقاً منكم، والجبال أشد خلقاً منكم، والسماء أشد خلقاً منكم، إذاً: فتشريف ربنا سبحانه وتكريمه لهذا الإنسان منه منَّة، فقيمة الإنسان في تكريم ربه سبحانه وتعالى له.