قال الله تعالى: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر:39] فهو لما كان يكتم إيمانه كان يقول: يا قوم، ولما أظهر لهم الإيمان تجد في قوله الحنان والرفق في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، يعني: إني خائف عليكم، فأنتم قومي، وأنا أدعوكم إلى الله عز وجل، فاستجيبوا لي فأنا مشفق عليكم.
قال تعالى: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ} [غافر:39] فالإنسان يتمتع في الدنيا بشبابه، ويتمتع بجماله ومنصبه وماله وأولاده، كل ذلك متاع الدنيا، ولن يدوم هذا المتاع أبداً، فإذا اغتر الإنسان بشبابه سرعان ما تأتيه الكهولة والشيخوخة، ويرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئاً، ومهما ادخر الإنسان المال فإنه سيتركه لمن يرثه، فيستمتع قليلاً ثم يترك هذا الذي استمتع به.
ويستمتع الإنسان بجماله حتى يظن أنه لا شيء أجمل منه، ثم تأتي عليه أعراض هذه الدنيا، وسرعان ما يزول ذلك، وتكون المرأة في أوج جمالها فتكبر في السن شيئاً فشيئاً ويذهب هذا كله، فالدنيا كلها متاع يستمتع بها الإنسان شيئاً، وما استمتع به زال بعد ذلك وتركه هذا الإنسان أو تركه هذا المتاع.
ومن البديع في القول المقابلة بين الدنيا والآخرة، يقول تعالى: {إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ} [غافر:39] وقابلها بالآخرة فقال: {وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر:39] أي: دار الاستقرار إما إلى جنة وإما إلى نار، فأهل الجنة يستقرون فيها، وأهل النار يستقرون فيها، والدنيا دار زوال وسفر للإنسان، يرحل في هذه الدنيا إلى الآخرة حتى يصل إلى قبره ثم إلى الجنة أو إلى النار.