تفسير قوله تعالى: (يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء)

قال الله تعالى: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر:16] أي: خرجوا من قبورهم وبرزوا وظهروا، فلا يستخفي منهم أحد، ولا يوجد مكان يختفي فيه، قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا} [طه:105 - 107] أي: لا ارتفاعاً ولا انخفاضاً في الأرض، فهي مستوية بيضاء نقية، كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث، فليس هناك جبل يختفي فيه الإنسان، ولا حفرة ينزل بداخلها، فالأرض (لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا)، والكل بارزون أمام رب العالمين سبحانه ليجازي كل نفس بما كسبت.

قال تعالى: (يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) (شيء): نكرة في سياق النفي، وهي تعم، فلا يخفى على الله شيء ولو كان دقيقاً، فهؤلاء الأعداد الغفيرة الكثيرة لا يخفون على الله، فهو يرى جميع الخلق، وسوف يحاسبهم في يوم القيامة.

يقول سبحانه: (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) في يوم القيامة يقبض الله عز وجل الخلائق ويطوي السماوات بيمينه ويقبض الأرض ويقول: (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ)؟ فلا أحد يقدر على أن يقول: أنا كنت ملكاً في الدنيا، وإنما الذي يجيب هو الله، فيجيب على نفسه ويقول: (لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ).

والملك هو ملك السماوات والأرض، فلا يدعي أحد أنه يملك في هذا اليوم، فالله هو المالك سبحانه وتعالى، وقوله: (لِلَّهِ الْوَاحِدِ) أي: له وحده لا شريك له، (الْقَهَّارِ) الذي قهر وغلب وأذل كل شيء، وأذعن له وخضع كل شيء، فله الملك وحده سبحانه، وقد قال في كتابه: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك:1 - 2]، فالله مالك الملك، وملك الملوك سبحانه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015