يقول الله عن الملائكة أنهم يقولون: {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا} [غافر:7]، فيدعون للمؤمنين التائبين إلى ربهم سبحانه وتعالى، والمتبعين سبيل رب العالمين، لا للمبتدعين، فقالوا: {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ} [غافر:7]، ولم يبتدعوا، ولم يتنكبوا طريق الله سبحانه، ولم يسيروا مع الشيطان، ولم يخترعوا أشياء غير دين الله فيمشون فيها ويوهمون الخلق أنها من دين الله، وإنما الذين يتبعون سبيل الله، فسبيله واحد وهو الطريق خلف النبي صلوات الله وسلامه عليه.
وقوله: {وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [غافر:7]، فدعوا للمؤمنين أن يقيهم الله عذاب الجحيم، و (غفر) بمعنى: ستر، أي: ستر سيئاتهم، وستر هذه الذنوب ومحاها عنهم وبدلها من الحسنات ما يشاء.
وقوله: ((وَقِهِمْ)) هذه قراءة الجمهور، وقرأها رويس عن يعقوب: {وَقِهُمُ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [غافر:7]، أي: اجعل وقاية وحاجزاً بينهم وبين عذاب الجحيم، والجحيم: النار، ولها أسماء تدل على فضاعة أمرها وعظيم شأنها، فسماها (الجحيم) وكل نار عظيمة الهوة فهي جحيم.
فالنار التي تكون عظيمة في مكان منخفض أو في حفرة عظيمة يطلق عليها: الجحيم، والجحيم النار الشديدة المتأججة، والجمر يطلق عليه الجحيم، ويقال للنار: جاحم؛ لأنها مشتعلة حمراء تتوقد وتلتهب على أصحابها، ونار الجحيم بمعنى: شديدة الاشتعال، ومن ذلك قولهم: جحمة الأسد أي: عين الأسد، فالأسد حين يأكل فريسته تحمر عيناه، فيدعو الملائكة ربهم للمؤمنين ويقولون: ((وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ))، فهي نار، وهي جحيم، وهي لظى، وهي سعير، وأسماؤها تدل على معانيها.