قال الله عز وجل: {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ} [غافر:4]، وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن الجدل فقال: (إن الله كره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقاً)، فالمؤمن لا يجادل إلا إذا احتاج ذلك لنصرة دين الله سبحانه، والعلماء يذكرون أن الجدل لا يكون إلا لإيضاح ما التبس على الناس، فإذا لبس إنسان على الناس وخلط في دين الله سبحانه وتعالى وأدخل في قلوبهم الشك، فهنا ينبري له بعض المؤمنين من أهل العلم ليجادلوه ويردوا عليه فيما قاله من تحريف ومن كلام كذب، فقالوا: الجدل لإيضاح ما يلتبس على الناس، أو لحل مشكل مما يشكل على الناس، أو لردع إنسان يلبس على الناس في دين الله سبحانه، أو للرد على أهل البدع، ففي هذه الحالة يكون جائزاً، ودليله ما كان من إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وقد ذكره الله مادحاً له: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة:258]، فهنا مدح الله عز وجل إبراهيم أن جادل النمرود وكذبه فيما يقوله، فقد أوهم الناس أنه يحيي ويميت، وادعى لنفسه ما ليس أهلاً له.
فالغرض أن الجدل لنصر دين الله عز وجل جائز، لكن الأصل أن الإنسان المؤمن لا يجادل، ولا يتكلم إلا بعلم، ولا يكثر من الكلام؛ فالله قد كره لنا قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.