روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أول زمرة تلج الجنة) وأهل الجنة يدخلون الجنة على شكل جماعات وزمر لا دفعة واحدة، كما قال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} [الزمر:73]، زمرة بعدها زمرة، وأول من يدخلون -نسأل الله عز وجل أن يجعلنا منهم وفيهم- من الزمر صورهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر) فأجمل ما يكون هؤلاء الداخلون.
قال: (لا يبصقون فيها، ولا يمتخطون، ولا يتغوطون) فليس فيها مما كان في الدنيا من القاذورات.
وفي رواية أخرى قال: (لا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يتفلون، ولا يمتخطون) أي: كلما كان من خبائث في الإنسان في الدنيا فإنه لن يوجد في الجنة منها شيء.
يقول صلى الله عليه وسلم: (آنيتهم فيها) أي: الأطباق التي يأكلون فيها.
قال: (آنيتهم فيها الذهب، وأمشاطهم من الذهب والفضة) أي: يمشطون شعرهم بمشط من الذهب والفضة.
قال: (ومجامرهم الألوة) والمجامر: هي المباخر، فالمبخرة التي يتبخرون بها في الجنة هي الألوة، وهي نوع من أنواع البخور طيب الريح، ليس يشبهه في الدنيا شيء، وما في الدنيا يشبهه بالاسم فقط، وذاك أعظم منه بكثير.
قال: (ورشحهم المسك) أي: إذا أكلوا أو شربوا خرجت منهم الفضلات على هيئة العرق رائحته المسك.
قال صلى الله عليه وسلم: (ولكل واحد منهم زوجتان) أي: في الجنة.
(يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن) مخ الشيء: أصل الشيء الذي بداخله، وكأن المعنى أن لحم الحور العين ولحم أهل الجنة غاية في الصفاء والنقاء والبياض، وغاية في الجمال وهو مثل المرآة يرى ما بداخلها! قال صلى الله عليه وسلم: (لا اختلاف بينهم) أي: لا يختلفون في الجنة؛ لأنهم قد نقوا من ذلك، وأيضاً في جمالهم، فلا يقال: إن فلاناً جميل وفلاناً أجمل منه، بل الكل غاية في الجمال.
قال: (ولا تباغض) أي: ولا يتباغضون.
قال: (قلوبهم قلب واحد) أي: على قلب رجل واحد، فهم مؤتلفون في الجنة فلا تناكر ولا اختلاف.
قال: (يسبحون الله بكرة وعشياً).
وفي رواية للحديث قال صلى الله عليه وسلم: (وأزواجهم الحور العين، على خلق رجل واحد).
ففي الدنيا يختلف الناس في أشكالهم، فهناك النحيف والسمين، وهناك الطويل والقصير، وهناك الأحمر والأبيض والأسود، أما في الجنة فكلهم على هيئة واحدة غاية في الجمال، الطول مثل آدم في الهيئة التي خلقه الله عز وجل عليها، قال صلى الله عليه وسلم وهذا لفظ البخاري: (على صورة أبيهم آدم ستون ذراعاً في السماء) فهذا هو طول آدم حين خلقه الله، وكذلك يكون أهل الجنة على هذا الطول.
يقول الله عز وجل في الآية: {فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [الزمر:74] أي: أنعم به من أجر لمن عمل لله، ولمن وحد الله واتقاه، ولمن اجتنب المعاصي وعمل بالطاعات.