قال عبد الله بن عمرو: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع)، فبعد أن يقبض الله المؤمنين، فلا يبقى على وجه الأرض إلا الأشرار.
وأحوالهم كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع)، والطائر مجرد أن يأتي عليه ريح إذا به يطير ويفزع ويهرب، ومجرد ما يستشعر أن مخلوقاً آت إليه يهرب ويفزع منه.
وكذلك هؤلاء: إن اندفاعهم إلى الشر في غاية الخفة، وفي غاية الطيش، فهذا حالهم في خفة الطير وأحلام السباع، وأي حلم يكون عند السبع؟ بل هو أول ما يرى فريسة أمامه لا يصبر عليها، بل يثب عليها مباشرة، وهؤلاء يكونون في خفة الطير في سرعة الحركة إلى الشر، وفي طمع وشراهة السباع، فهؤلاء هم الذين تقوم عليهم الساعة.
ويقول عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً)، وجاء أيضاً: (أنها لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق، لا يقال فيهم الله الله)، فهم نسوا الله سبحانه تبارك وتعالى، فلا يقولون: الله! وإنما يشركون بالله سبحانه ويعبدون ما زينه لهم الشيطان.
قال: (فيتمثل لهم الشيطان فيقول: ألا تستجيبون) أي: يتمثل الشيطان لهؤلاء الأشرار الذين تقوم عليهم الساعة، فيقول: (ألا تستجيبون؟ فيقولون: فما تأمرنا؟) أي: ماذا تريد ونحن نطيعك؟! قال: (فيأمرهم بعبادة الأوثان) أي: أنهم عادوا مرة ثانية إلى عبادة الأوثان.
قال: (وهم في ذلك) أي: في فتنة من الله سبحانه تبارك وتعالى قال: (دار رزقهم، وحسن عيشهم) أي: فالله يملي لهم، فيترك لهم الرزق مع كونهم يشركون به، ويعطيهم منه سبحانه، ويكونون في عيشة حسنة.