قال الله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} [الزمر:60] سود الله عز وجل وجوههم فهي سوداء، وأعينهم زرقاء، ويحشرون عمياً إلى النار والعياذ بالله.
ومعنى: {كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ} [الزمر:60] أي: افتروا على الله سبحانه، وكذبوا بآياته، وقالوا: ما أنزل الله من كتاب، وما أنزل من سلطان، وما أرسل من رسول، فافتروا عليه سبحانه، ولم يؤمنوا ولم يصدقوا، فهؤلاء تكون وجوههم مسودة يوم القيامة.
يقول الله سبحانه: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر:60] أي: أليس فيها مكان يؤويهم ويسكنون فيه، وينزلون به، فيقيمون إقامةً دائمة مستقرة في النار؟ قال الله تعالى: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ} واسمها جهنم فهي نار بعيد قعرها تلقى الصخرة العظيمة من فوقها فلا تصل إلى قعرها إلا بعد سبعين سنة.
وكلمة جهنم معناها: البعيدة القعر، وهي مأخوذة من قولهم: هذا بئر جهنام قعره بعيد فكذلك النار، فهي عميقة وبعيدة القعر، وأسماؤها كثيرة في القرآن، تعبر عما فيها وعن معانيها، فهي جهنم، وهي الحطمة التي يحطم بعضها بعضاً، وهي نار السعير المستعرة المشتعلة الملتهبة، والسعار من الجنون، فكأنها نار لا تبقي ولا تذر أمامها شيئاً، فأسماؤها تدل على ما يكون فيها لأصحابها.
فقوله تعالى: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ} أي: مثوى للمتكبر، فالمتكبر علا في الدنيا وارتفع على الخلق، وظن نفسه أعلى منهم، فأبى الله إلا أن يذله، ويضعه ويخفضه، فإذا به في دركات جهنم البعيدة القعر، يهوي بها هذا الإنسان المتكبر الذي تعالى على خلق الله، وتعالى على رسل الله عليهم الصلاة والسلام.
{أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ}
و صلى الله عليه وسلم بلى، في جهنم مثوى للمتكبرين، يحشرهم الله سبحانه وتعالى في هيئته الذر، كأمثال النمل يوم القيامة إلى النار كما جاء في سنن الترمذي قال صلى الله عليه وسلم: (يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صورة الرجال).