تفسير قوله تعالى: (قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون)

قال الله سبحانه: ((قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ)) أي: استمروا على ما أنتم فيه، {إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ} [الزمر:39] قراءة الجمهور: و ((اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ))، وقراءة شعبه عن عاصم: (على مكاناتكم) والمعنى على طريقتكم التي أنتم عليها، وليس المعنى أنه يبيح لهم أن يعبدوا غير الله، ولكن كأنه يقول لهم: اعملوا وستجزون، ففيها تهديد لهؤلاء، فطالما أنكم ترفضون ما أنا عليه من التوحيد وما أنا عليه من الحق، مع علمكم بأن هذا الكتاب كتاب من عند رب العالمين، وأنه الكتاب الحق، وأنما أنتم فيه هو الباطل؛ فاستمروا على ما أنتم فيه حتى تلقوا ربكم فيجازيكم على ما تصنعون، والمكانة والمكان بمعنى الجهة التي تمكنت عندكم، ((اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ)) أي: على جهتكم، وعلى طريقتكم، وعلى ما أنتم فيه، وهذا فيه تهديد لهؤلاء.

((إِنِّي عَامِلٌ)) أي: على مكانتي، وعلى جهتي، وعلى ما مكنني فيه ربي سبحانه، فأنا عامل على التوحيد، وعلى عبادة الله سبحانه وحده لا شريك له، ((فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)) هذا تهديد ووعيد لهؤلاء، {مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ} [هود:39] أي: من هو الذي سينزل عليه عذاب من عند رب العالمين فيخزيه، ويقهره ويذله، ويذيقه الهوان، ((وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ)) والذي يستحق هذا العذاب، هو الذي ألغى عقله، وعبد غير الله سبحانه، أقر بأن الله سبحانه هو الرب ومع ذلك وجه العبادة إلى غيره، فيحل عليه عذاب مقيم، لا يصرف عنه بل هو ملازم له ملازمة الغريم في نار جهنم والعياذ بالله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015