العبادة لها ركنان ترتكز عليهما: الركن الأول: الإخلاص في عبادتك، فالعبادة تخرج من قلبك، وتوجهها إلى ربك سبحانه وتعالى، والركن الثاني في العبادة: المتابعة للنبي صلوات الله وسلامه عليه.
والإخلاص بغير متابعة لا يصح، والمتابعة بغير إخلاص لا تصح، فالعمل يحتاج إلى ركنين: إخلاص ومتابعة، فتخلص لله سبحانه، ولا تعبد إلا الله سبحانه، ولا تعمل العمل إلا له سبحانه، ولا تبتغي الأجر إلا منه سبحانه وتعالى، وهذا العمل لا بد أن يكون موافقاً لهذه الشريعة حتى تؤجر عليه، فالإخلاص بغير متابعة يوقع العبد في الاختراع في الدين والابتداع، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)، ويقول: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: مردود عليه.
فلو أن الإنسان قال: أنا مخلص، وأنا أحب الله، وأعبده، لكن سأعبد الله بما أريده أنا، وأصلي بالطريقة التي تعجبني، وأصوم بالطريقة التي تعجبني، وكأنه يشرع لنفسه، فإن الله يأبى إلا أن يكون له سبحانه الأمر كما أن له الخلق سبحانه، قال تعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف:54]، فهو الذي يخلق سبحانه وتعالى، وهو الذي يأمر سبحانه، وهو الذي يشرع، ولا يجوز لعبد أن يشرع لنفسه ولا لغيره، ولكن الشريعة لله سبحانه، هو الذي يشرع لعباده وهو أعلم بخلقه، وأعلم بما تستقيم به أمور الخلق، فيشرع لهم ما ينفعهم سبحانه وتعالى.
إذاً: العبادة لا بد فيها من أن تتابع هذا الدين، وأن تخلص لله سبحانه وتعالى فيه، حتى تقبل هذه العبادة، فبدأ بنبيه صلى الله عليه وسلم وقال: قل لهؤلاء جميعهم: {إِنِّي أُمِرْتُ} [الزمر:11]، وهذه قراءة الجمهور، أما قراءة نافع وأبي جعفر: (قل إنيَ أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين).
والدين لها معان، الدين بمعنى: الشريعة، وبمعنى: العبادة، وبمعنى: الجزاء والحساب، فالدين هنا بمعنى: شريعة الله سبحانه فيما شرع من عبادة، فأعبد ربي مخلصاً له عبادتي، وقال الله تعالى: (وَأُمِرْتُ)، فهو ليس من عند نفسه، بل أمره الله عز وجل بذلك، قال تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى:7]، صلوات الله وسلامه عليه، فالله الذي هداه، والله الذي اصطفاه واجتباه، والله الذي علمه ورباه سبحانه وتعالى.