استحب العلماء في الضحايا أو في الهدايا أن يأكل منها صاحبها ويهدي منها ويطعم الفقراء، ويكون النصيب الأكبر لإطعام الفقراء، وقال بعضهم: ثلث لطعامه، وثلث يهدي منه، وثلث للفقراء يتصدق بها عليهم.
وجاء في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ ثوبان: (أصلح لحم هذه الشاة، فأكل منها صلى الله عليه وسلم حتى قدم المدينة)، وفي سنن أبي داود: (أنه أكل صلى الله عليه وسلم من الأضحية التي ذبحها، وتصدق منها صلى الله عليه وسلم، وأكل منها متزوداً من خروجه من مكة إلى المدينة صلوات الله وسلامه عليه).
وجاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه يقسم الأضحية أثلاثاً، قال الإمام مالك: ليس عندنا في الضحايا قسم معلوم موثوق، بمعنى أنه ليس شرطاً أنها تقسم ثلاثة أثلاث، لكن يجوز أن يتصدق بها جميعاً، وإن كان الأفضل أن يأكل منها، وأن يهدي منها، فيأكل منها شيئاً، ويهدي منها شيئاً، ولكن الصدقة تكون بالأكثر.
والإمام الشافعي كان يرى أن النصف للأكل والهدايا، ويتصدق بالنصف لقوله سبحانه: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج:28]، وكأن الآية قسمتها قسمين، للأكل وإطعام البائس الفقير، وقال مرة: يأكل ثلثاً، ويهدي ثلثاً، ويطعم ثلثاً، لقول الله عز وجل: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج:36]، فالقانع السائل الذي قنع بالسؤال، والمعتر الذي يمر بك ولا يسأل، ولكن ينظر إلى الطعام، وقد يكون محتاجاً وقد لا يكون، فيهدي له، فأخذ الشافعي من هذه الآية: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج:36] أنها تجزأ أثلاثاً، ثلث تأكل منه، وثلث للقانع يعني السائل الفقير الذي يطلب ويسأل، وثلث للمعتر الذي لا يسأل، يعني يعطيه على وجه الهدية أو الهبة.
وهل المسافر مخاطب بالأضحية كما يخاطب بها الحاضر؟ الأصل أن الجميع مخاطبون بالأضحية، سواء من كان مسافراً أو حاضراً.
والحاج مخاطب بالأضحية مثل غيره، فالراجح أنه يجوز للحاج أن يضحي، وإن كان الهدي في حقه أفضل؛ لأن المكان مكان هدي، لكن المسافر غير الحاج فالأضحية في حقه مشروعة، وإن كان قد يهدي غير الحاج مع من يذهب إلى الحرم كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فيرسل مع رجل من أصحابه هدياً للبيت.
والحاج إذا كان متمتعاً أو قارناً عليه هدي القران أو هدي التمتع وهو فرض عليه، لكن إذا كان مفرداً للحج، فليس عليه هدي، ويستحب له أن يهدي على وجه التطوع.