قال الله: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر:7] أي: يرضى ويحب من عباده أن يشكروه.
فالعبد إذا شكر الله زاده، قال الله عز وجل: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:7]، والشكر يكون باللسان وبالقلب وبالعمل.
فإذا شكر الإنسان ربه بقلبه اطلع على ذلك، وعلم أن هذا القلب قلب شاكر.
والشكر باللسان، كأن يقول: الحمد لله والشكر لله، ويثني على الله عز وجل الثناء الحسن على ما أنعم به وأعطاه.
والشكر بالفعل كأن يعطيه الله المال فيتصدق، يريد بذلك وجه الله سبحانه، ويعطيه القوة والقدرة فيعين غيره من أهل الحاجات ابتغاء وجه الله سبحانه.
وفي قوله تعالى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر:7] ثلاث قراءات، وأصل (يرضه) يرضاه لكم، ولكن جزمت هنا لوقوعها في جواب الشرط، فتقرأ بالاختلاس، (يرضهُ لكم)، وتقرأ بالإشباع (يَرْضَهُ لكم)، وتقرأ بالتسكين (يرضهْ لكم).
والقراء على ستة أقسام في هذه القراءات الثلاث: فمنهم من يقرؤها بالاختلاس فقط، (وإن تشكروا يرضه لكم) وهذه قراءة حفص عن عاصم، وقراءة نافع، وأيضاً قراءة حمزة وكذلك قراءة يعقوب.
ومعنى الاختلاس أنه لا يجعل الضمة التي على الهاء في قوله (يرضهُ) كأنها واو فلا يقول: (يرضهو لكم).
ومنهم من يقرأ بالإشباع فيها وهم ابن كثير والكسائي وخلف فيقرءون (وإن تشكروا يرضهو لكم).
ومنهم من يقرأ بالإسكان فقط وهذه قراءة السوسي عن أبي عمرو (يرضهْ لكم).
وباقي القراء لكل منهم وجهان: إما أن يقرأ بالإسكان أو الإشباع كما هي قراءة الدوري عن أبي عمرو وقراءة ابن وردان عن أبي جعفر وابن جماز عن أبي جعفر.
ومنهم من يقرأ بالإسكان وبالاختلاس وهم: هشام وشعبة عن عاصم وابن ذكوان وابن وردان عن أبي جعفر.