الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ} [الصافات:149]، يذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات لنبيه صلوات الله وسلامه عليه كيف أن هؤلاء الكفار كذبوا على الله سبحانه وافتروا أعظم الكذب بأن ادعوا أن الله اصطفى البنات لنفسه سبحانه، وأنه اتخذ الصاحبة، فكأنهم زعموا وشبهوا أن الله سبحانه وتعالى كالبشر، فالبشر لهم أبناء ويتناسلون، فقالوا: إن الله عز وجل كذلك! واصطفى لنفسه البنات من الجن أو من الملائكة! وكان له نسل حاشا لله وتعالى علواً كبيراً عما يقولون! فقالوا: الملائكة بنات له، فقال لنبيه صلوات الله وسلامه عليه: {فَاسْتَفْتِهِمْ} أي: اسألهم.
وقوله: {فَاسْتَفْتِهِمْ} [الصافات:149] هذه قراءة الجمهور وقراءة رويس (فاستفتهُم)، على أصل الضمير في الضم.
((أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ)) هذا السؤال ليس سؤال استفهام؛ لأن
صلى الله عليه وسلم حاشا لله عز وجل أن يتخذ صاحبة وولداً، وهم كذابون فيما يقولون، وإنما الاستفهام للتقريع والتوبيخ فيما يقولون، على سبيل الإنكار عليهم.