قال تعالى: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات:123] نبي الله إلياس من أحفاد هارون، فهو إلياس بن ياسين بن فنحاص بن عيزار بن هارون، فهو الابن الرابع لهارون على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وهارون هو الجد الرابع له، فإلياس من أنبياء الله عز وجل لبني إسرائيل، ذكره الله عز وجل وأشار إلى شيء من قصته فقال تعالى: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات:123] إلياس: هو إلياسين وألياس، وهي كلمة أعجمية وعربتها العرب، فدخلت في لغتهم، فلذلك تنطق بوجوه، فقراءة الجمهور: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ}، وقراءة ابن عامر: (وإن ألياس)، فالكلمة ليست عربية أصلاً وعربتها العرب فنطقت بها بطريقتهم.
قوله تعالى: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} أي: كان نبياً ورسولاً من رسل الله سبحانه إلى قومه، قال تعالى: {إِذْ قَالَ} [الصافات:124] أي: اذكر كيف دعا قومه وقال لهم: ألا تتقون؟ {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} [الصافات:125] إذاً: هو نبي لبني إسرائيل عليه الصلاة والسلام وكان بعد سليمان، وكان سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام ملكاً على بني إسرائيل، وأعطاه الله سبحانه وتعالى الملك والحكمة، وجمع له ما شاء من نعم لم تكن لأحد من بعده، فقد سخر له الإنس والجن والرياح في مملكته، يذهب كيفما شاء، والله عز وجل يسر له ذلك، ولما مات سليمان عليه الصلاة والسلام تنازعت بنو إسرائيل فتفكك ملك سليمان عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، ولم يقدر أحد أن يجمع هذا الملك من بعده، وكان في بني إسرائيل ملوك، فكان إلياس يدعو أحد ملوك بني إسرائيل، إذ كانت امرأته تعبد صنماً من الأصنام، ورأى الملك أن غيره من الناس من بني إسرائيل في البلدان الأخرى يعبدون غير الله سبحانه، فأخذ يقلدهم ويترك امرأته تعبد العجل وتدعو إلى عبادة الصنم الذي صنعته، واسم الصنم بعل، وسميت البلده باسمه (بعلبك)، وهي مدينة من المدن الموجودة في لبنان، وأنكر إلياس عليهم عبادة هذا الصنم من دون الله سبحانه، فدعاهم إلى الله فرفضوا أن يأتوا إلى ربهم خاشعين، فأنكر وقال: {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ * اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} [الصافات:125 - 127] أي: للعذاب.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.