دعا إبراهيم ربه فقال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات:100] أي: يدعو ربه أن يعطيه غلاماً صالحاً، قال تعالى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ} [الصافات:101]، والغلام الحليم: الذي عنده حلم، والذي ابتلي فصبر فكان حليماً، وهو إسماعيل على نبينا وعليه الصلاة والسلام، فالآية دليل على أن الذبيح هو إسماعيل على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وإن كان اختلف المفسرون في ذلك، فذهب بعض كبار المفسرين كالإمام الطبري وأيضاً القرطبي والبعض من التابعين إلى أن الذبيح إسحاق عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام! ولكن الآية تأبى هذا المعنى، قال تعالى: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ} [الصافات:101]، فالذي كان به هذا الحلم هو الذي أُمِرَ إبراهيم عليه الصلاة والسلام بذبحه وهو إسماعيل، وكان إبراهيم عليه الصلاة والسلام قد وطأ هاجر، فكان له منها هذا الغلام الحليم الذي أمر بذبحه، وقد بشر الله عز وجل إبراهيم بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، أي: بشره بأن يكون له إسحاق من سارة، ومن وراء إسحاق سيأتي له ولد اسمه يعقوب، فإذا كان ربنا سبحانه يبشر إبراهيم عليه الصلاة والسلام بأن إسحاق سيكبر ويبلغ ويخلف، ويجيء منه يعقوب، فكيف تكون هذه البشارة يقطعها الله بأن يأمر بذبحه؟! والله سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} [يونس:55]، ويقول أيضاً: {إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران:9]، فقد بشر الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام بأن إسحاق سيعيش وسيكون له الولد وإنما الذي أمر بذبحه إسماعيل عليه الصلاة والسلام.