قال سبحانه: {دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِب} [الصافات:9] يعني: الشياطين، والمدحور بمعنى: المطرود، ودحوراً بمعنى: طرداً، يطردهم الله عز وجل طرداً بما يلقيه عليهم من الشهب في السماء.
فقوله: (دحوراً) أي: مطرودين خاسئين، وقوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ} [الصافات:9] أي: يعذب الله عز وجل هؤلاء الشياطين بالعذاب الواصب، والواصب: بمعنى اللازم الموجع المؤلم، ولهم عذاب شديد من الله تبارك وتعالى، ملازماً لهم لا يُرفع عنهم، فهم في النار يوم القيامة، يعذبهم الله سبحانه ولا يخرجون منها أبداً.
وقوله تعالى: {دُحُورًا} [الصافات:9] مدحورين مطرودين أذلة، ودحرت الإنسان، بمعنى: طردته بإذلالٍ، إذاً: طرد الشيء مع إذلال الذي تطرده، هو الدحر.
قال تعالى: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ} [الصافات:10]، فاستثنى سبحانه وتعالى هؤلاء، من أنهم لا يسمعون، فلا يقدرون على السمع إلا من شاء الله عز وجل أن يسمع شيئاً، يخطف الخطفة فيسرق شيئاً يقدر عليه مما سمعه، ويهبط بهذا الشيء إلى الأرض على هذه الهيئة، هيئة الخطف، فقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ} [الصافات:10] أي: الأخذ السريع للشيء خلساً، ويهوي به إلى الأرض، ولذلك قال تعالى: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات:10]، خطف الشيطان خطفة، سمع شيئاً من خبر السماء وأراد أن ينزل به إلى الأرض فيأتيه الشهاب فيحرقه، وهنا تظهر إرادة الله سبحانه، إذ أراد الشيطان أن ينزل هذا الخبر إلى أهل الأرض فتنة لهم، فإذا لم يرد الله عز وجل أن ينزل ذلك يحرقه الشهاب قبل أن ينزل إلى الأرض بهذا الخبر.