بعث الخلق بنفخة واحدة

قال الله عز وجل: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} [يس:53]، (إن) بمعنى: (ما) ما كانت إلا صيحة واحدة.

وقراءة الجمهور: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} [يس:53]، على أن صيحة خبر لكان فهي منصوبة.

وقراءة أبي جعفر: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس:53] على أن كان تامة، يعني: ما حدثت إلا صيحة واحدة، وليس أكثر من ذلك؛ لبيان قدرة الرب سبحانه وتعالى، فهي صيحة واحدة ينفخ في الصور فيهلك الجميع، وصيحة واحدة فيبعث الجميع، ليس كل إنسان يحتاج لأن ينفخ له في الصور بمفرده، إن كان الرب سبحانه أماتهم فرادى، وكل إنسان جاءته الوفاة في وقته، ولكن لما قضى بالنفخ في الصور ليهلك جميع من فوق الأرض كانت نفخة واحدة، ولما أمر بإحياء الجميع ممن ماتوا قبل ذلك ومن ماتوا بهذه النفخة كانت صيحة واحدة، لبيان أن الله لا يعجزه شيء.

{إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس:53]، يحضرون أمام ربهم سبحانه، يقفون للجزاء، ليأخذ كل منهم صحيفة عمله، منهم من يأخذها باليمين، ومنهم من يأخذها باليسار من وراء ظهره، {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ} [يس:53] لا أحد يفلت، لا أحد يهرب، لا أحد يذهب بعيداً ويشرد عن هؤلاء، الجميع محصورون مجموعون لله رب العالمين.

{فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس:53] فلن يحضر بمزاجه، ولكن محضرون يساقون إلى محشرهم، أمر بهم ربهم فجيء بهؤلاء بين يديه سبحانه وتعالى قد حشروا وأحضروا {فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس:53].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015