الله سبحانه هو الغني الحميد فهو الغني بذاته سبحانه، وعطاؤه إنما يكون بقوله: كن فيكون، وخزائنه ملأى لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، أي: يعطي بالليل وبالنهار.
فيرفع العباد أيديهم إليه: يا رب يا رب، فيستحي أن يردهم صفراً بغير شيء بل يعطيهم سبحانه تبارك وتعالى ما سألوه وفوق ما سألوه، وإن منعهم سبحانه تبارك وتعالى في الدنيا فيدخر لهم إلى يوم القيامة، فيعطيهم عطاء لم يكن على بال أحدهم، حتى إن العبد ليأتي يوم القيامة ويجد جبالاً من الحسنات لم يعملها فيسأل ربه سبحانه فيقال له: هذا دعاء لم نستجبه لك في الدنيا.
أي: سألتنا في الدنيا فادخرناه لك إلى الآخرة.
فيتمنى العبد لو أن كل دعائه لم يستجب له وأنه ادخر له إلى يوم القيامة.
والله عز وجل يستجيب الدعوات ويعطي صاحبها إحدى ثلاث: إما أن يعجل الإجابة له سبحانه، ويعطيه ما سأل، وإما أن يصرف عنه من الشر بقدر هذا الذي سأل؛ لأنه لو نال هذا العبد الخير الذي طلبه لأتته مصيبة من المصائب أو أتاه شر، فالله سبحانه من رحمته لا يعطيه ما سأل، وإنما يصرف عنه ما نزل، سبحانه تبارك وتعالى، أو أنه يدخر ذلك للعبد إلى يوم القيامة.
ولو تأمل العبد هذا لوجد هذا أفضل له.
فالعباد فقراء إلى الله سبحانه، والله هو الغني وهو الذي يعطي سبحانه تبارك وتعالى من فضله ومن غناه.
وهو الحميد المستحق للحمد على صفاته العظيمة، ومنها صفة الكرم، فهو الكريم سبحانه تبارك وتعالى، فإنه يعطي عباده عطاءً عظيماً، وكل عطائه عظيم سبحانه.
والناس فقراء إلى الله وإن كانوا يقولون: نحن أغنياء.
فقد يكون الإنسان مليونير، ويقول: أنا غني وحقيقته أنه مفتقر إلى الله؛ لأن المال مال الله وليس مال العبد، فالعبد وإن كان معه المال الكثير فهو فقير إلى الله.
والفقير: محتاج.
فلا يستغني أحد أبداً عن ربه سبحانه، وإن كان معه مال، فلعل الله يسلبه الصحة أو يبتليه بشيء، فيبقى فقيراً محتاجاً إلى الله مع أنه عنده المال والثروة وعنده كذا كذا.
إذاً: كل إنسان يستشعر الحاجة إلى الله والذل إليه سبحانه تبارك وتعالى ويدعو ربه بالليل وبالنهار، ويسأله ويطلب منه.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} [فاطر:15].