قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر:2] ففي الآية الأولى قال: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فاطر:1] فلا تعجب، فالله على كل شيء قدير، وهنا يقول: ((وهو العزيز)) أي: الغالب الذي لا يمانع، ((إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون))، ومستحيل أن يعترض أحد على ما يريده الله، فيمنع ما يريده الله، وليس هذا ممكن أبداً.
فالله سبحانه وتعالى هو العزيز الغالب القاهر سبحانه وتعالى.
((الحكيم)) الذي يحكم كل شيء، ويخلق كل شيء بإتقان وبحكمة، فلا يدخل في خلقه خلل، وهو الحاكم على كل شيء، يحكم بأمره ما يريد، المحكم للأشياء سبحانه وتعالى.
فالله هو الغالب ذو الحكمة سبحانه، القاهر الذي له حكمة في كل أمر من أموره، ويحكم كل أمر من أموره.
وقوله: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ} [فاطر:2] أي: برحمته وبقوته سبحانه وتعالى وبحكمته: ((فلا ممسك لها))، أي: لا أحد يمسك رحمة الله سبحانه إذا فتحها؛ فهو العزيز الذي لا يغالب، ولا يقدر أحد أن يمنع رحمته عن أحد من خلقه سبحانه؛ لأنه العزيز سبحانه.
فإذا أراد أن تمطر السماء فمستحيل أن يمنع الخلق هذا المطر، ولن يستطيعوا أن يمنعوا المطر، فإذا أمسك الله ذلك، وأقحط عليهم دنياهم، فهل يقدرون أن يأتوا بسحابة وينزلوا المطر منها؟ لا يقدرون.
وقوله: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر:2]، لا يقدر أحد أن يرسل ما يمسكه الله، فإذا منع الله فليس لأحد أن يقف ويقول: أنا أرسل هذا الذي منعه الله، لا يقدر أبداً، فإذا منع الله أحداً من خلقه رزقاً فلا يقدر أحد أن يأتيه بهذا الرزق ولا بغيره؛ لأن الله هو العزيز الغالب حين أعطى وحين منع سبحانه وتعالى، الحكيم في عطائه وفي منعه.
قال: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ} [فاطر:2] أي: لهذا الذي أمسكه ومنعه، {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر:2].
نسأل الله من فضله ورحمته؛ فإنه لا يملكها إلا هو، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.