قال تعالى: {وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ} [سبأ:2] هذان اسمان من أسماء الله الحسنى العظيمة، فالرحيم: ذو الرحمة العظيمة البالغة التي لا نظير له فيها.
فالرحمن الرحيم صيغتا مبالغة، فالرحمن عظيم الرحمة، والرحيم عظيم الرحمة، لكن ما هو الفرق بينها؟ ذكر الله أنه كان بالمؤمنين رحيماً فكأنه يخص برحمته المؤمنين، والرحمن ذو الرحمة العظيمة البالغة التي تكون لجميع خلقه، فرحمته وسعت كل شيء سبحانه وتعالى.
وفي الدنيا جزء من رحمة رب العالمين سبحانه بها يرحم الإنسان أخاه، ويرحم الحيوان الحيوان، وترفع الدابة حافرها عن ولدها؛ لئلا تؤذيه.
قال تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:43] فيرحم المؤمنين يوم القيامة، ويدخلهم الجنة بفضله وبرحمته سبحانه.
والغفور: اسم آخر من أسماء الله عز وجل، وقد جاء في القرآن الغفور والغفار وغافر الذنب.
فالغفور والغفار من صيغ المبالغة فهو عظيم المغفرة، وأصل الغفر: الستر والتغطية، فكأنه سمي بذلك لأنه يستر الذنوب ويمحوها ولا يفضح عباده المؤمنين، فيستر زلاتهم ويغفر لهم ذنوبهم.
فالغفور: الساتر لذنوب عباده المتجاوز عن خطاياهم وأصلها التغطية، ومنها المغفر: وهو حلقات من حديد يلبسها المقاتل حتى لا تؤثر فيه ضربات السيوف فيستتر تحتها.
وقد قال الله تعالى في عباد الرحمن: {يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان:70] فلا يغفر فقط، لكن أيضاً من رحمته أنه قد يقلب السيئة التي وقع فيها العبد إلى حسنة؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن المؤمن يدنيه الله عز وجل في كنفه يوم القيامة ثم يأمر الملائكة أن يروه صحائف ذنوبه ويستر عنه ذنوباً كثيرة ويريه أشياء صغيرة من ذنوبه) فيقر بها ويخاف أن يريه الذنوب الأخرى التي فعلها، والله بكرمه يستره ويريه بعض ذنوبه ويقول: (قد سترناها عليك في الدنيا واليوم أغفرها لك) ثم يقول: (وسأبدلها لك حسنات) أي: مكان كل ذنب مما غفرناه سنبدله حسنات.
فينظر العبد في صحيفته ويتذكر الذنوب الأخرى ويقول: (يا رب! هناك ذنوب لا أراها هنا، فضحك النبي صلوات الله وسلامه عليه) لما نظر العبد لرحمة الله سبحانه فتطاول إلى أعظم مما رحمه الله سبحانه، فطلب منه أن يبدل الذنوب التي سترها وغفرها حسنات والله على كل شيء قدير.
نسأل الله بفضله ورحمته أن يغفر لنا ويتجاوز عنا إنه هو الغفور الرحيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.