معنى قوله: (الحكيم الخبير)

قال تعالى: {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [سبأ:1] هذان اسمان من أسماء الله الحسنى عظيمان، وكل أسمائه عظيمة سبحانه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة) أي: لله عز وجل من الأسماء تسعة وتسعون اسماً اختصت بأن من أحصاها دخل الجنة، وليس ذلك كل أسمائه سبحانه، بل له أسماء كثيرة، ولذلك جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك)، فله أسماء عظيمة كثيرة جليلة، ومن ضمن هذه الأسماء ما جاء في كتابه سبحانه تبارك وتعالى تسعة وتسعون اسماً من أحصاها دخل الجنة.

وأحصاها بمعنى: حفظها وفهم معانيها ودعا الله عز وجل وسأله بمقتضى ما يعرف من أسمائه سبحانه، ففي كل نازلة تنزل بالعبد يسأل الله عز وجل بالاسم المناسب لهذه النازلة، فإذا أخطأ سأل ربه سبحانه أن يغفر له فهو الغفور، وسأله أن يعفو عنه فهو العفو، وإذا وقع في ضيق سأل ربه أن يفرج عنه ذلك فهو الرحيم الحنان المنان سبحانه، وهو الكريم فيطلب منه أن يرزقه ويعطيه من كرمه وفضله.

والمقصود أن يستعمل أسماء الله عز وجل في كل مناسبة ما يليق بها من أسماء الله عز وجل، وهذا من معاني من أحصاها دخل الجنة.

فذكر اسماً من أسمائه وهو الحكيم، أي: ذو الحكمة، فلا يخرج شيء عن علمه وحكمته، قدر كل شيء بعلمه، وكل شيء في موضعه بحكمته سبحانه وتعالى.

وهو الحكيم لا يدخل في نظام كونه خلل ولا فساد.

وهو الحكيم الذي كمل في حكمته، والحكيم صيغة مبالغة من الحكم فهو الحاكم والحكيم الذي يمضي حكمه ولا معقب لحكمه سبحانه.

ومن معاني الحكيم: المحكم اسم فاعل، أي: المتقن الذي يحكم كل شيء يقوله أو يفعله، فهذا القرآن كتاب حكيم أحكمه الله تبارك وتعالى وأتقن فيه كل شيء، والكون أتقن الله صنعه فهو المحكم لكونه لا شيء يخرج عن حكمته.

وأصل الحَكَمة الحديدة التي توضع في فم الفرس لشد اللجام فيها، ويقاد بها، فكأن الحكمة تقود صاحبها إلى ما يريده الله سبحانه وتعالى، ولا يخرج الشيء عن إرادة الله أبداً، فهو الحكيم الحاكم المحكم سبحانه وتعالى في صنعه.

والحكيم أيضاً: المانع من الفساد الذي لا يدخل في تدبيره خلل، ولا في صنعه زلل.

والخبير: اسم آخر من أسماء الله عز وجل يدل على علم الله سبحانه، فالعليم يدخل تحت الخبير، ويدخل تحته أنه الشهيد الذي هو علينا رقيب سبحانه وتعالى، والعلم أعم من الخبرة، فالله يعلم كل شيء، فإذا اختص العلم ببواطن الأشياء فهي الخبرة، فإذا اختص علم الله تعالى بما يبطنه الخلق فهو سبحانه الخبير، وإذا اختص علمه بما يظهره الإنسان فهو الشهيد سبحانه، وإذا اختص ذلك بأن يجازيه عليه فهو الرقيب سبحانه.

فالكل عائد إلى صفة العلم منه سبحانه وتعالى، وهو الحكيم الخبير الذي يعلم مصالح الأشياء ومضارها ولا تخفى عليه عواقب الأمور وبواديها والذي لا يقع في تدبيره سبحانه وتعالى خلل ولا زلل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015