يقول الله عز وجل: {وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ} [الأحزاب:53].
أي أن الإطالة على النبي صلى الله عليه وسلم كانت تؤذيه وتضايقه، وكذلك كثرة السؤال، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله كره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال) فلا تضيعوا الوقت في كثرة السؤال، وتعلموا ما يقوله لكم النبي صلى الله عليه وسلم، ولا داعي للإكثار من الأسئلة.
فلم يزالوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم حتى ضايقوه، فيجيء القرآن يؤدبهم: {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة:12]، فالآن تصدق ثم اسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فأشفقوا من تقديم الصدقات، فلما أبيح لهم بعد ذلك أن يسألوا بلا تقديم صدقة استحيوا من أنفسهم، فلم يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يعجبهم أن يأتي الأعرابي فيسأل النبي صلى الله عليه وسلم فيستفيدون من ذلك، ولا يسألونه إلا لحاجة أو ضرورة.
وفي هذه الآية يقول الله عز وجل: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ} [الأحزاب:53]، كان حياء النبي صلى الله عليه وسلم يمنعه أن يأخذ حظ نفسه صلى الله عليه وسلم فيستحيي، ولكن الله لا يضيع ذلك؛ فإذا بالله عز وجل يعلم المؤمنين ألا يؤذوا النبي صلوات الله وسلامه عليه فيدفعونه إلى أن يستحيي ولا يبين لهم ذلك.