كذلك يحرم عليه صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بالحرة الكتابية، ويجوز للمسلمين أن يتزوجوا من المحصنات من أهل الكتاب، أما النبي عليه الصلاة والسلام فلا يجوز له أن تكون امرأته كتابية يهودية أو نصرانية، لأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم أمهات للمؤمنين، فكيف يقال عن زوجة النبي صلى الله عليه وسلم: هذه نصرانية أو يهودية؟ هذا لا يليق بمقامه صلى الله عليه وسلم.
ومارية القبطية لم تكن زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كانت أم ولد ثم أسلمت، وهي من أهل مصر، وأهل مصر كان يطلق عليهم أقباط، أرسلها المقوقس عظيم مصر هدية للنبي صلى الله عليه وسلم هي وأختها سيرين، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم واحدة وأعطى حسان بن ثابت الأخرى، فكانت عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان له منها إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم وعليه السلام.
ويوجد فرق بين الأمة والزوجة، الأمة ملك يمين يملكها الإنسان بأن يشتريها أو توهب له، أما الزوجة فلا تشترى، بل يخطبها الرجل من أهلها، فشرفت بذلك لأنها حرة، والأخرى أمة تباع وتشترى.
وهاجر أم إسماعيل على نبينا وعليه الصلاة والسلام كانت أمة لإبراهيم، بخلاف سارة فهي زوجة لإبراهيم، وهاجر كانت أمة تملكها سارة أهداها لـ سارة ملك مصر الذي أراد أن يأخذ سارة من إبراهيم، فسأله: من هذه؟ قال: أختي، خاف أن يقول: زوجتي فيقتله ويأخذها فقال: أختي! فأخذها منه وأراد أن يأتيها فدعا إبراهيم ربه ودعت سارة ربها فأنقذها الله عز وجل من الرجل وشلت يده وسقط ولم يقدر أن يقوم، وكان يصرع كلما أراد أن يمسها، ثم قال: إنما جئتموني بشيطان، وأرسلها إلى إبراهيم وأهدى لها أمة هدية، وهي هاجر، فـ هاجر هي من أهل مصر.
فـ سارة أخذت هاجر ثم وهبتها لإبراهيم، فكانت أمة لإبراهيم وليست زوجة له، وكثير من الناس حتى بعض المشايخ لا يفرق بين الأمة أم الولد وبين الزوجة، فيقول: هاجر زوجة إبراهيم.
وهي لم تكن زوجة له، وإنما كانت سرية وأمة لإبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام.
والزوجة ليس للرجل أن يتزوج ويتركها في مكان وينصرف عنها، الزوجة لها حقوق شرعية، إذا كان يريد أن يتركها فليطلقها ولا يتركها في مكان وينصرف عنها، أما الأمة فيجوز له ذلك، وقد أمر الله عز وجل إبراهيم أن يأخذ هاجر أم إسماعيل ويتركها في مكة في القصة العظيمة المعروفة.
فـ سارة كانت زوجة وأما هاجر فلم تكن زوجة، بل كانت أم ولد لإبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، كما كانت مارية القبطية أم ولد للنبي صلى الله عليه وسلم، فولدت له إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم الذي توفي ولم يبلغ العامين، وتوفي قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأشهر قليلة.
والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجوز له أن يطأ الكتابيات بملك اليمين، ومارية كانت كتابية ثم أسلمت عند النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لا يجوز أن يتزوج صلى الله عليه وسلم بامرأة كتابية يهودية أو نصرانية، حتى لا تكون أم المؤمنين كافرة يهودية أو نصرانية.