بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل في سورة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَينَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا} [الأحزاب:50 - 51].
يخبر الله سبحانه وتعالى في هاتين الآيتين نبيه صلوات الله وسلامه عليه أنه أحل له أزواجه اللاتي آتى أجورهن قال تعالى: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} [الأحزاب:50] فأحل له أن يتزوج المرأة التي يخطبها صلوات الله وسلامه عليه، ويدفع مهرها عليه الصلاة والسلام ويتزوجها.
وذكر هنا {آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} [الأحزاب:50] والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتزوج ويدفع مهراً، وكان مهر نساء النبي صلى الله عليه وسلم في حدود اثنتي عشرة أوقية ونش يعني: ونصف أوقية، أي: حوالي خمسمائة درهم، والدرهم حوالي خمسة جرامات من الفضة، يعني: كأن مهر النبي صلى الله عليه وسلم الذي يدفعه لنسائه حوالي ألف وخمسمائة جرام من الفضة، فهذا مقدار مهره صلى الله عليه وسلم.
وهنا بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدفع المهر لنسائه عليه الصلاة والسلام، ومهر أم حبيبة دفعه عنه النجاشي ملك الحبشة، كانت أم حبيبة بنت أبي سفيان مهاجرة إلى الحبشة مع زوجها وتوفي زوجها هناك، ثم تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، والذي قام بهذا العقد للنبي صلى الله عليه وسلم كان النجاشي ملك الحبشة، وكان رجلاً مسلماً رضي الله عنه، اسمه: أصحمة النجاشي، ودفع مهر النبي صلى الله عليه وسلم من عنده أربعمائة دينار، حوالي نصف كيلو ذهب فهو مهر يليق به لأنه ملك، فدفع هذا المهر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما ما دفعه النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه فكان حوالي اثنتي عشرة أوقية ونش، والأوقية تساوي حوالي اثني عشر درهماً تقريباً، فحسب العلماء ذلك بحوالي خمسمائة درهم مهر النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه.
ذكر هنا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} [الأحزاب:50] أي: مهورهن، فكان يتزوج ويدفع المهر، وربنا ذكر في النساء قال: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء:4] يعني: مهور النساء عطية وفريضة من الله سبحانه وتعالى، فلو أن إنساناً تزوج امرأة على أنها ليس لها مهر فهذا شرط باطل لاغ؛ لأن الله عز وجل أمر بالمهر، ولو أن إنساناً تزوج امرأة على مهر بسيط فهذا شرط صحيح ويصح النكاح ولو على مهر بسيط.
لكن أحياناً بعض الناس يقول: إن السنة أن تتزوج على خمسة وعشرين قرشاً وهذا كذب؛ لأن مهر النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه كان اثنتي عشرة أوقية ونشاً، والأوقية حوالي اثني عشر درهماً، فكان مهر النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه حوالي خمسمائة درهم تقريباً.
فالذي يقول: مهر النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه كان أقل من ذلك، أو كان خمسة وعشرين قرشاً، ويزعم أن هذا سنة، فهذا ليس بسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما السنة ما ذكرنا.