فالآن وجدوا أن الأفضل هو في أن ترجع المرأة إلى بيتها، وفي الرجوع للجو الأسري، ولكن يرجعون على استحياء لئلا يقال: رجعتم إلى ما هو موجود في الإسلام الذي تزعمون معارضته، ولكنهم يصدرون القبيح إلى بلاد المسلمين.
فهم عرفوا أن الإسلام يجعل المؤمن مع المؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وهم لا يريدون هذا الشيء، بل يريدون إنساناً متفككاً مسحوباً عن مجتمعه وعن أسرته، ليس بينه وبين أخيه المودة والرحمة، فقاموا يصدرون لبلاد المسلمين الصور العارية والإباحية الجنسية، بحيث ينتشر بين المسلمين الخلل الأخلاقي والديني، فإذا بهم لا يعرفون دينهم، بل يحبون الشهوات والفتن، وإذا بكل مسلم أصبح لا ينكر على أصحاب المنكرات وإن حدثت أمامه، ولا يتمعر وجهه إذا رأى رجلاً وامرأة في الطريق، وقد كان هذا الأمر من قبل لا يمكن أن يحدث أمام الناس، أما الآن فأصبحوا يقعدون مع بعض على البحر، الرجل مع المرأة، الشاب مع الفتاة، يتبادلون القبلات، يلعبون مع بعض، ولا أحد يتكلم، ولا غيرة موجودة، ولا أحد يأمر بمعروف وينهى عن منكر.
جاءت تعاليم الغرب إلى بلاد المسلمين، وأصبحوا يطمحون إلى أكثر من ذلك، وهو اللواط ولا حول ولا قوة إلا بالله، ونادوا بأن الشذوذ حرية شخصية؛ حتى تتفكك عرى الإسلام وتتفكك بلاد المسلمين، ولا يكون في المسلمين من يقدر أن يقاوم الكفار.
أما الكفار فإنهم يزعمون التمسك بالدين، فاليهود دولة دينية، وأمريكا رئيسها رجل ديني مسيحي متعصب لهذا الشيء، فأول ما بدأ بحرب المسلمين قال: الحرب الصليبية، ثم رجع على استحياء وقال: لا أقصد هذا الشيء.
وهي كلمة مقصودة تماماً، فهي حرب صليبية على المسلمين، حرب تخرب ديار المسلمين، فأمريكا حين عرفت أن بترولها لن يكفيها ثلاثمائة سنة قادمة -كما كانوا يزعمون- ولا حتى عشرين سنة قادمة، بدءوا ينظرون: أين يوجد البترول؟ فإذا كان عند بحر قزوين في أفغانستان، إذاً لابد أن نأخذ أفغانستان.
البترول موجود في العراق، إذاً نأخذ العراق، موجود في بلاد الشرق الأوسط نضع أيدينا عليه، حتى يصبح هذا كله تحت سيطرتنا.
فليست القضية قضية تحرير ولا ديمقراطية ولا شيء من ذلك، إنما القضية قضية استيلاء على البترول؛ لأن الذي معهم سوف ينفد خلال سنوات قليلة، فقالوا: لابد أن نضع أيدينا على احتياطي البترول العالمي الموجود في هذه البلاد، وعرفوا أنهم لو جاءوا إلى هذه البلاد فجأة فإنهم سوف يقاومون من الشباب المتدين، فقالوا: لابد أن نخرب هؤلاء الشباب المتدينين، فندخل لهم الشهوات والشبهات، ندخل العري، ندخل الشكوك.
فبدعوى الإبداع سمح للشكوك في كل مكان، فيؤلف الإنسان كتاباً فيه سب لكلام ربنا سبحانه وتعالى، والاعتراض على الدين، والاعتراض على السنة، وفيه تسفيه أمور الدين، ولو اعترض أحد عليه، قيل له: أنت ضد الحرية، أنت ضد الديمقراطية، أنت تحارب الإبداع، فبذلك يسكت الكل، ويترك لهؤلاء أن يتكلموا، ويمنع وجود الإنسان المتدين الذي ينافح ضد اليهود وضد الغرب الكافر، وينادى بالقضاء عليه بأي صورة من الصور، فإذا بالشباب يصبح شباباً مخنثاً، لا يعرف شيئاً عن دينه، وهؤلاء هم الذين إذا دخل الكفار بلاد المسلمين وجدوهم أمامهم، يريدون لقمة سائغة وإن ضاعت بلاد المسلمين.
وقاموا بتحويط بلاد المسلمين، وذلك باختلاق مشكلة في البلد الفلاني من أجل أن يضع الكافر رجله فيه، ومشكلة في البلاد الفلانية الأخرى من أجل ضربها، فإذا بضربة في ليبيا وضربة في العراق وضربة في السودان وضربة في دارفور، وهكذا حتى يحوطون بلاد المسلمين، والمسلمون في ضياع ولا يشعرون بذلك؛ لأنهم تركوا كتاب الله سبحانه وتعالى، وعرف هؤلاء الكفار كيف يدخلون إليهم من باب الفتن والشهوات، فالمرأة تركت بيتها فلا تعلم عن أبنائها شيئاً.
تجد الأبناء أصبحوا أبناء شوارع، يجلس يتعلم من صاحبه في الشارع، واقف على قارعة الطريق طول النهار، لا يوجد شغل عنده، أو جالس على القهوة، أو جالس في نادي الفيديو أو في نادي الإنترنت ليشاهد الإباحيات، ويا ليته يشاهد شيئاً ينفعه في دينه أو دنياه، وإنما أخذوا كل سلبيات الغرب وكل الإجرام في البعد عن دين الله سبحانه.
يشاهد أفلام الشهوات، ويحاول أن يقلد ذلك، فكثر الاغتصاب في بلاد المسلمين، وكثر الخطف، وكثرت الفواحش ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فإسرائيل كانت تحارب المسلمين بإرسال فتيات إلى بلاد المسلمين على الحدود، وهؤلاء الفتيات مصابات بالإيدز؛ لأنهم عرفوا أن المسلمين ممكن أن يقعوا في الزنا بسهولة فيدخل الإيدز بلاد المسلمين عن طريق ذلك.
وكل طريقة يقدرون أن يخربوا بها بلاد المسلمين فإنهم يفعلونها، حتى أرسلوا حبوب زراعية توضع في الأرض، فإذا خرجت فإنها تملأ الأرض دوداً فتخرب الأرض ولا يبقى فيها خيرات، فإذا بك تأكل الفاكهة فتجد أنها ليس لها طعم، وتأكل الحبوب فلا تجد لها طعماً كذلك، ما هو الذي حصل فيها؟ لقد خربوا على المسلمين ما كان في بلادهم.
حرب ظاهرة وحرب باطنة، يخربون العقول والكفاءات، فإذا ظهرت كفاءات عالية في بلاد المسلمين فإنهم يخطفونها وتبقى عندهم في بلادهم، وإذا لم يقدروا على هذا فإنهم يقتلون علماء المسلمين في بلادهم، بحيث تبقى دول المسلمين دولاً متخلفة، لا دين فيها ولا شباب قوي فيدخلونها بمنتهى البساطة.
ولذلك كانوا طامعين أنهم حين يدخلون العراق فإن أهل العراق سوف يقابلونهم بالورود؛ لأنهم عرفوا أن الناس ابتعدوا عن الدين في العراق، فالناس هناك ضيعوا دينهم من فترة فضاعوا وتفرقوا شيعاً، فهم قد درسوا أحوال المسلمين وما هم عليه، فقالوا: سندخل العراق وسيستقبلوننا بالورود، ولكن الذين وقفوا لهم هنالك هم أهل الدين، وإن كانوا قلة وإن كانوا ضعفاء، ولكن الله يثبت من يشاء.
نسأل الله عز وجل أن ينصر الإسلام والمسلمين في كل مكان، وأن يذل الكفر والكافرين، وأن يرينا فيهم يوماً يأتي عليهم فيه عذاب من عند الله وبأيدي المؤمنين، اللهم آمين يا رب العالمين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.