ثم قال الله سبحانه: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33] وهذا خطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهن يقتدين بهن.
فالنبي عليه الصلاة والسلام قدوة، والجميع يقتدون به رجالاً ونساء، ونساء النبي عليه الصلاة والسلام قدوة يقتدي بهن النساء، وقد طهرهن الله وأمرهن أن يلزمن بيوتهن، فغيرهن ممن لم يكن مثلهن أولى وأولى.
وإذا كانت المطهرة الشريفة الفاضلة مأمورة بذلك، فغيرها أولى بذلك.
يقول الله سبحانه: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب:33]، أي: هذا أمر من الله سبحانه حتى يذهب عنكم الرجس والآثام، وما كان من ذنوب ومعاصٍ في الجاهلية، {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب:33] سبحانه وتعالى.
وقراءة نافع وأبي جعفر وعاصم: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33].
وباقي القراء يقرءون: (وقِرنَ في بيوتكن).
والواو هنا عاطفة، وأصل الفعل من (قَرّ) إما من القرار أو الوقار، فكلا المعنيين مقصودان، تقول وقَر يقِر فهو وقور.
فقوله: ((وقَرن)) أي: كن ملازمات لبيوتكن.
وقوله: (وقِرن في بيوتكن) يأتي أيضاً بمعنى القرار، ويأتي بمعنى الوقار، أي: ليكن عليكن الوقار، في أي مكان تكنّ فيه، أو الزمن البيوت بوقار.
وقوله: (بيوتكن) بضم الباء هي قراءة حفص عن عاصم وورش وأبي عمرو وأبي جعفر ويعقوب.
وباقي القراء يقرءونها بكسر الباء (بِيوتكن).
وقوله تعالى: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:33] فيها قراءتان: قراءة الجمهور: (ولا تبرجن).
وقراءة البزي عن ابن كثير: (ولآ تَّبرجن) بالمد والتشديد، والمعنى: اللزوم فيها، كأنه شدد الكلمة للمبالغة في الزجر عن التبرج.
وأصل التبرج: الظهور، أو الإظهار، وتبرج الجاهلية معناه: المرأة التي كانت تظهر زينتها وحسنها وجمالها للناس، وتمشي متغنجة متكسرة، ومتبخترة أمام الرجال، فنهاهن الله سبحانه وتعالى أن يتشبهن بهؤلاء.