ثم ذكر أزواجه عليه الصلاة والسلام ومدحهن وقال: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) [الأحزاب:6].
أي: نساء النبي صلى الله عليه وسلم أمهات للمؤمنين من هذه الأمة.
والراجح أن المعنى هو أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أمهات لكل مؤمني الأمة رجالاً ونساءً؛ لأن العلماء اتفقوا على أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم أمهات لجميع رجال الأمة، ولكن هل هن أمهات أيضاً لنساء الأمة؟ الراجح: نعم؛ لأن الله عز وجل لم يفرق بين الرجال والنساء، قال: ((وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب:6].
والأمومة قسمين: أمومة في الحرمة وأمومة في المحرمية.
فأمومة الحرمة أنه يحرم عليه أن ينكحها، أي: يتزوجها، فأمه في النسب محرمة عليه وهو محرم عليها.
وأمومة المحرمية: أنه لا يحرم عليه أن يدخل عليها ويسافر معها.
فنساء النبي صلى الله عليه وسلم أمهات للمؤمنين في الحرمة، فيحرم على أي مؤمن أن يتزوج نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعده.
فالتحريم رعاية للنبي صلوات الله وسلامه عليه، وإكراماً له عليه الصلاة والسلام، وتبجيلاً له صلى الله عليه وسلم، فالتي تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ودخل بها وخلا بها عليه الصلاة والسلام، فليس من حق أحد أن يتزوجها بعده إن طلقها أو مات عنها طالما أنه دخل بها عليه الصلاة والسلام.
فهذا الحكم لا ينطبق على من لم يدخل بها النبي صلى الله عليه وسلم، فلو أنه عقد بامرأة ثم طلقها صلى الله عليه وسلم قبل الدخول لم تكن أماً للمؤمنين، إنما أمهات المؤمنين من تزوجهن النبي صلى الله عليه وسلم فدخل بهن.
قال الله عز وجل: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} [الأحزاب:53] فهذه حرمة دائمة.
ونساء النبي صلى الله عليه وسلم له فقط، وليس من حق أحد أن يتزوجهن بعد وفاته صلوات الله وسلامه عليه.
ويجوز للمؤمنين أن يذهبوا إلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فيسألونهن من وراء حجاب عن مسائل الشرع ومسائل الدين، وعن أحكام القرآن وأحكام سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يستعيروا منهن متاعاً من أمتعة الدنيا على وجه العارية.
وقد شرف الله سبحانه نساء النبي بهذه المنزلة العظيمة، وأمرهن بتبليغ دين الله سبحانه فقال: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب:34] فنساء النبي صلى الله عليه وسلم مطالبات بذكر وتبليغ كل ما يتلى في بيوتهن من آيات الله والحكمة.