من الأحاديث العظيمة التي جاءت عنه صلوات الله وسلامه عليه ما رواه أبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته).
فصلاة الليل ليست مقصورة على واحد من البيت هو الذي يقوم الليل، ولكن يقوم الليل ويدعو زوجته أن تصلي ولو في آخر الليل، ولو أن تصلي ركعتين من آخر الليل، وبعد ذلك يرددان الأذان ثم يصليا صلاة الفجر فيكسبا الأجرين بذلك.
ويدعو النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل ويدعو لامرأته، فيقول: (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء) يعني احتال حيلة لكي يصحي زوجته، ونضح بمعنى رش، ولم يأت بماء وصبه عليها، والنضح بمعنى رش الماء اليسير بحيث يعينها على أن تقوم لتصلي، ودعا للمرأة أيضاً فقال: (ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء) إذاً: البيت فيه تعاون بين الرجل وبين المرأة على قيام الليل، وعلى ذكر الله سبحانه وعلى حبه، فهل يدخل الشيطان بيتاً مثل هذا؟ وهل يكون في هذا البيت من وساوس ومن بعد عن الله سبحانه؟
صلى الله عليه وسلم لا، طالما الرجل يخاف الله ويحب الله والمرأة كذلك، فتجد البيت بيتاً طيباً، والكل يحرص على العبادة، والكل يحرص على أن يقوم لله سبحانه تبارك وتعالى بالليل.
أما فضل ذلك فقد روى أبو داود أيضاً عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا أو صلى ركعتين جميعاً كتبا في الذاكرين والذاكرات).
وقال الله عز وجل في سورة الأحزاب: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب:35]، فانظر للترقي فبدأ بالمسلمين، فالإسلام اشترك فيه الجميع، ثم يرقى درجة وراء درجة، وأعلى درجة يصل فيها الإنسان أن يكون من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات، فهؤلاء الذين أتوا بكل الطاعات يجعلهم الله من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات، وطاعة الله سبحانه منها قيام الليل، أن يقوم الرجل ويوقظ امرأته فيصليا، فذكر في الحديث صلوات الله وسلامه عليه أنهما صليا ركعتين جميعاً، ركعتين ركعتين، حتى لو أن الرجل أم بامرأته فقرأ بها الفاتحة وقل هو الله أحد في ركعتين اثنين، فهذا من أقل ما يفعله المسلم مع زوجته، وكتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات، ومع المداومة والمواظبة على ذلك تصير عادة للإنسان ويحب هذا الشيء.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (فصليا أو صلى) أي: سواء أن كل واحد منهما صلى لوحده أو هما الاثنان صليا معاً، فيكتبان من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات الذين أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً.