قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} [لقمان:34] الغيث: هو المطر العظيم العميم الذي يغيث الله عز وجل به العباد، فيخرجهم به من العطش ومن المحل ومن القحط ومن الجدب إلى الري وإلى الخصب وإلى النماء والرواء من فضله سبحانه وتعالى، وهذا الغيث يدرك العباد برحمته بعدما كادوا ينقطعون؛ إذ إنه لا يقدر على إنزال الغيث من السماء إلا الله سبحانه وتعالى، ثم قال سبحانه: {وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ} [لقمان:34] أي: يعلم أن هذا ذكر أو هذه أنثى، فالله عز وجل كما أخبر في آية أخرى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد:8] فإنه سبحانه يزيد الرحم شيئاً فشيئاً حتى يكون هذا الجنين في الشهر التاسع، ثم يخرج هذا الجنين إلى الدنيا، وقوله: {وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ} [الرعد:8] أي: ما تكون عليه من نطفة تحولت إلى علقة، ثم تحولت إلى مضغة، وجاء القدر فنزلت في حيض المرأة، وغاض الرحم وذهبت لأمر الله سبحانه وتعالى، والإنسان معلوم أنه لا يعرف ما يكون من شأن هذه النطفة، فلا يعرف هل سوف يعيش جنينها أم يموت؟ وإذا عاش هل سيكون شقياً أم سعيداً؟ وإذا كتب له الحياة فكم سوف يكون عمر هذا الإنسان في هذه الدنيا؟ وكيف سيكون عمله فيها؟ وكيف سيأتيه أجله؟ وهل يوم القيامة سيكون من أهل الجنة أم من أهل النار؟ ولذا فإن علم الله سبحانه تبارك وتعالى لما في الأرحام هو العلم المحيط بكل شئونها، ولا يقال أن الأطباء يعرفون بالأشعة التلفزيونية أن هذا ذكر أو هذه أنثى! نعم قد يعلم الأطباء بما علمهم الله عز وجل أن هذا ذكر أو هذه أنثى في المراحل المتأخرة من الحمل، ولكن العلم المحيط بكل أمور الحنين علم الله وحده لا شريك له سبحانه، فهو وحده يعلم ما في الأرحام، ويعلم كل شيء عن هذا الذي كون في رحم المرأة.