قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ} [لقمان:13] (وهو) في كل القرآن تقرأ على وجهين: (وَهُوَ) وهي قراءة الجمهور.
(وَهْوَ) وهي قراءة قالون عن نافع وقراءة أبي جعفر وأبي عمرو والكسائي.
وقوله تعالى: {يَا بُنَيَّ} [لقمان:13] تكررت هذه الكلمة ثلاث مرات في هذه الآية وما يليها فقال تعالى: {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} [لقمان:13] وقال: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ} [لقمان:17] وقال: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ} [لقمان:16] فتكررت ثلاث مرات هنا.
وقوله تعالى: (يا بُنَيَّ) تصغير ابن، والتصغير إما أن يراد به الحقيقة، أي: أن الابن صغير، والابن الصغير لا يوعظ بهذه الأشياء، فكأن التصغير هنا المقصود به التحنن، فالأب يتحنن على ابنه ويترفق معه، فيقول له: يا بني! وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينادي بها الحسن والحسين رضي الله عنهما، وكان يقولها لصغار أصحابه، صلوات الله وسلامه عليه، كـ أنس بن مالك وغيره ممن كانوا صغاراً في السن، وقد كان يقولها النبي صلى الله عليه وسلم لهم على وجه الترقيق لقلوبهم والتلطف بهم، صلوات الله وسلامه عليه.
وهذه الكلمة (يَا بُنَيَّ) قرأها حفص عن عاصم في هذه الثلاثة المواضع بالفتح فيها.
ووافقه ابن كثير في إحدى روايتيه في الموضع الثالث: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ} [لقمان:17] فقرأها البزي عن ابن كثير كما قرأها حفص عن عاصم، وأما باقي القراء فيقرءونها في هذه المواضع وفي غيرها من القرآن: (يا بني)، على الإضافة إلى النفس.
وابن كثير خالف حفصاً في الموضع الأول والثاني، فقرأها في الموضع الأول: (يا بُنَيْ لا تشرك بالله)، بالتسكين فيها، وفي الموضع الثاني قرأها كقراءة الجمهور: (يا بُنَيِّ إنها إن تك).
وفي الموضع الثالث: (يا بُنَيَّ إنها)، قرأها قنبل عن ابن كثير مثل قراءة الجمهور: (يا بُنَيَّ)، وقرأها البزي عن ابن كثير كما قرأها حفص عن عاصم.
وكلمة: (وهو) يقف عليها يعقوب بهاء السكت، فيقرؤها: (وهوه) وأما باقي القراء فيقفون عليها إما (وَهُوْ) أو (وَهْوَ).
وفي قوله تعالى: {لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} [لقمان:13] تحذير من الشرك بالله سبحانه تبارك وتعالى، وهذا التحذير مقصود في كتاب الله سبحانه، فقد نهى الله عن الشرك به، وذكر أنه لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وكل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جاءوا إلى أقوامهم بالأمر بالتوحيد والتحذير من الشرك بالله سبحانه وتعالى.