وهذه الآية واحدة من ثلاث آيات في كتاب الله عز وجل يستدل بها العلماء على المنع من سماع الغناء، إلا فيما أباحه الشرع الحكيم، وهي دليل على تحريم الموسيقى والمعازف، والغناء بهما.
والآية الثانية: قول الله عز وجل: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم:61]، أي: لاهون لاعبون في غناء ورقص وبعد عن الله سبحانه وتعالى، وعن ذكره سبحانه وتعالى.
قال ابن عباس في قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم:61] هو: الغناء بالحميرية.
والآية الثالثة: في سورة الإسراء، قال الله عز وجل لإبليس: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [الإسراء:64].
فإن الشيطان توعد آدم وذريته، وقال للرب سبحانه وتعالى: {أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا * قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء:61 - 62]، فالشيطان توعد آدم أن يحتنك ذريته، أي: يضلها ويستولي عليها إلا القليل منهم، فتوعده الله سبحانه وتعالى بقوله: {قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [الإسراء:63 - 64].
فقال للشيطان: افعل ذلك، وسترى مصيرك وعذابك الذي يكون يوم القيامة، قال تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} [الإسراء:64] أي: هذه هي مكائد الشيطان وحيله مع الإنسان، فهو يستفزه بصوته، قال مجاهد: صوت الشيطان: الغناء والمزامير والملاهي، وآلات الرقص وآلات الغناء والموسيقى، يستفز بها الإنسان ليخرجه عن وعيه وعن شعوره، فإذا استمع الإنسان إلى ذلك وغنى وطرب، فلعله يدخل على ذلك شرب الخمر فيها، فيرقص وهو في غاية اللهو واللعب والبعد عن الله سبحانه وتعالى.
فهذه ثلاث آيات في كتاب الله عز وجل، ذكر أهل العلم أنها دليل على المنع من الغناء.