تفسير قوله تعالى: (وقال الذين أوتوا العلم والإيمان)

قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [الروم:56] أي: أن أهل العلم وأهل الإيمان يوم القيامة من رسل الله عز وجل، ومن أولياء الله، ومن ملائكة وغيرهم يردون على هؤلاء الكذابين فيقولون: {لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ} [الروم:56] أي: لبثتم في حكم الله سبحانه إلى يوم البعث، فقد مضت عليكم فترة طويلة، وعشتم في الدنيا سنيناً ثم نقلتم إلى القبور فلبثتم فترة طويلة، حتى بعثكم الله عز وجل الآن.

فهم نظروا إلى الفترة التي من ولادتهم إلى أن بعثوا يوم القيامة، فزعموا أنها ساعة واحدة فقط، وقد تكون هذه الفترة آلاف السنين؛ ولذا يجيبهم الذين أوتوا العلم فيقولون: بل إنكم قد لبثتم في حكم الله سبحانه منذ أن خلقتم إلى أن يبعثكم الله سبحانه.

قوله: {فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ} [الروم:56] أي: هذا يوم بعث الإنسان، حيث خرج من موت في قبره إلى حياة ونشور، {وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [الروم:56] فمع أن الرسل بلغوا هؤلاء المجرمين، وحذروهم من هذا وأقاموا عليهم الحجة كما قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء:15]، إلا أن علمهم كان كلا علم، بل علمهم محصور على ما ذكر سبحانه تبارك وتعالى في أول هذه السورة فقال: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم:7]، فمع أنهم علموا من الرسل بوقوع يوم القيامة إلا أنهم لم يستيقنوا، ولم يدخل الإيمان في قلوبهم، فكان علمهم كجهل، حيث لم ينتفعوا به، فيكون معنى قوله تعالى: {وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [الروم:56] أي: لا تعلمون علماً ينفعكم حيث لم تستيقنوا، ولم تصدقوا الرسل، فكان علمكم معرفة، عرفتم أن هناك يوم قيامة فلم تعملوا له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015