تفسير قوله تعالى: (وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم)

قال سبحانه: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ} [الروم:53] أي: إذا كان العمى الذي هم فيه عمى الضلال فلا تستطيع أن تهديهم، وكيف ستهديهم وقد عميت أبصارهم؟! فكلما أشرت لهم: الطريق هنا وقد أغمضوا أعينهم فأنى يفقهون ما تقول؟ أو يدركوا إشارتك؟ بل قد ولوا مدبرين فطبع الله على قلوبهم.

وقوله: {وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ} هذه قراءة الجمهور وقرأها حمزة: (وما أنت تهدي العميَ عن ضلالتهم).

ثم أخبر الله أن المؤمنين هم الذين يستفيدون من الآيات فقال سبحانه: {إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ} [الروم:53] (إن وإلا) أسلوب قصر، والمعنى: لا تسمع إلا هؤلاء فقط، فالمؤمنون المتقون هم الذين يسمعون منه صلى الله عليه وسلم فيستجيبون، فقوله: {إِنْ تُسْمِعُ} [الروم:53] إن هي النافية والمعنى: ما تسمع، {إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ} [الروم:53] فالذين آمنوا، وصدقوا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، واستيقنوا أنه الحق من عند الله، قد سلموا أنفسهم لله سبحانه وتعالى، واستسلموا له، فهو يحكم فيهم بما يشاء ويقضي فيهم بما يريد سبحانه وتعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015