الحمد لله رب العالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل في سورة الروم: {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ * فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ * مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ * لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكَافِرِين * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الروم:42 - 46].
يأمر الله سبحانه وتعالى عباده في هذه الآيات بأن يسيروا في الأرض ويعتبروا فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل, أين ذهب قوم عاد, وقوم نوح, وقوم ثمود, وقوم إبراهيم, وأصحاب مدين, والمؤتفكات, وقوم فرعون؟ أين ذهب هؤلاء؟ ما صنعوا؟ وكيف صنع بهم؟! {فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} [الروم:42] كفروا بالله سبحانه، وأشركوا معه غيره, عبدوا غير الله, وزعموا أنهم يقربونهم إلى الله زلفى, والله غني عنهم وعن عبادتهم, قال الله: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك, من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) فالله الغني الحميد سبحانه وتعالى, وهؤلاء كذبوا وكفروا فاستحقوا الوعيد الذي توعدهم به ربهم.
قال الله: {فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} [الروم:42] هنا النظر بمعنى الاعتبار, اعتبروا يا أولي الألباب, اعتبروا يا أولي الأبصار, انظروا إلى ما صنع بهم وإلى صنيعهم، وانظروا إلى أعمالكم، ولا تقلدوهم في ذلك فيصبكم مثلما أصابهم.